كيف تتخذ قرارات أفضل وتتخلص من التردد

كيف تتخذ قرارات أفضل وتتخلص من التردد

 

هل تعلم أنك تتخذ عشرات القرارات يوميًا؟ تفعل ذلك عندما تغادر الفراش في الصباح أو تذهب إلى المدرسة أو الجامعة أو تتناول طعامك. لقد فاضلت في كل مرة بين خيارين أو أكثر، ولكنك قد لا تشعر بالأمر لأنها أصبحت أفعالًا روتينية.

تبدو الأمور أوضح أثناء المواقف المختلفة التي تتعرض لها في حياتك وعملك على مدار اليوم. فهناك بالطبع قرارات تحتاج للمزيد من التأني والتفكير مقارنة مع غيرها، خاصة تلك القرارات البالغة الأهمية مثل اختيار مسارك الدراسي أو قبول عرض عمل أو الانتقال إلى منزل جديد أو اختيار شريك حياتك.

وفي كثير من الأحيان قد تجد نفسك مترددًا في اتخاذ القرار. والتردد ليس بالأمر السيئ، خاصة عندما يكون القرار مهمًا ومؤثرًا في مستقبلك، فمن المفترض أنه سيدفعك للتأني والتفكير قبل اتخاذه.

لا يعني هذا أن القرارات الصغيرة ليست مهمة. فقد ترى بعض قراراتك بسيطة، ولكنها في الواقع ذات تأثير على المدى الطويل، فاختيار ما تأكله يوميًا مثلًا أو مفاضلتك بين ممارسة الرياضة أو الكسل، قد يجنباك مشاكل صحية مستقبلية، بينما قرار استذكار دروسك أولًا بأول سيجنبك الضغط العصبي في الأيام التي تسبق الاختبارات.

تحدث المشكلة عندما يكون هذا التردد مزمنًا ويدفعك في كل مرة تحتاج فيها لاتخاذ قرار إلى تفكير مفرط يستنفذ وقتك وطاقتك الذهنية.

إن عدم القدرة على حسم قراراتك قد يصبح عائقًا أمام تطورك، ليس فقط على المستوى الشخصي، بل أيضًا على المستوى المهني. فالأشخاص القادرون على اتخاذ القرارات يكونون أكثر ثقةً وقدرةً على تحديد أهدافهم وبناء العلاقات الناجحة وتولي المناصب القيادية، بينما الشخص دائم التردد يكون في الغالب أقل ثقة بنفسه ويضيع على نفسه فرصًا للتطور، كما قد يكون لذلك أيضًا تأثيرٌ على أدائه في العمل.

بالطبع هناك خيارات لا بد أن تستبعدها بدون الكثير من التفكير لأن نتائجها واضحة دائمًا، مثل أي قرار تعلم أنه سيضر بصحتك أو يتسبب في أذى للمجتمع الذي تعيش فيه.

كما أن هناك خيارات يجب ألا تضيع الكثير من الوقت وتستهلك طاقتك الذهنية من أجل المفاضلة بينها، خاصة إذا كانت متعلقة بأمور ثانوية مثل لون القميص الذي سترتديه أو المفاضلة بين مكانين لقضاء وقت مع أصدقائك. ربما يكون علاج ذلك تقليل تلك الخيارات.

اشتهر مارك زوكربرغ مؤسس فيسبوك بارتداء قميص من نفس اللون كل يوم عند ذهابه إلى العمل حتى يتخذ أقل عدد من القرارات يوميًا فيما يخص الأمور الثانوية! قد تُفاجأ أيضًا إذا عرفت أن أحد السبل التي يتبعها البعض للمفاضلة بين خيارين متساويين – إذا كان الأمر بالفعل ثانويًا – هو إجراء قرعة بعملة معدنية!

الآن بعد أن عرفت أهمية أن تكون أكثر حسمًا عند اتخاذ القرارات، خاصة تلك التي قد تؤثر في مستقبلك على المستوى الشخصي والمهني، ينبغي أن تعلم أن القدرة على اتخاذ القرارات بتأنٍ وثقة هي مهارة شخصية مثل أي مهارة أخرى بإمكانك اكتسابها وتنميتها.

باختصار، مفتاح التخلص من التردد هو أن تكون في حالة ذهنية جيدة وأن تكون قادًرا على تقييم الخيارات المتاحة أمامك بموضوعية، وأن تتخذ قراراتك بعقلانية واستقلالية وبناءً على معرفة وعلم، وأن تفكر في الأمور بطريقة إيجابية وتكون على ثقة من أنك ستنجح في إيجاد حلول من أجل الوصول لأهدافك مهما كانت نتائج اختياراتك.

قد يبدو لك كل ذلك معقدًا أو ربما لا ترى نفسك قادًرا على أن تبلغ هذا المستوى من القدرة على اتخاذ القرار، ولكن في الواقع الأمر ليس كذلك. سنقدم لك من خال الصفحات التالية دلياً مبسطًا يعينك على فهم عملية اتخاذ القرار لديك وتحسين مهاراتك بهذا الشأن.

ما المطلوب منك قبل اتخاذ القرارات المهمة؟

انتبه لعواطفك:

قبل اتخاذ أي قرار مؤثر في مستقبلك أو حتى تقييم الخيارات المتاحة أمامك يجب أن تنتبه لحالتك العاطفية وتأثيرها على قراراتك. لا تكن مندفعًا وتعتمد فقط على عاطفتك. لا تتخذ قراًرا وأنت في حالة غضب مثلًا، فغالبًا ما يكون ذلك القرار الأسوأ.

توقف والتقط أنفاسك. انتظر لبعض الوقت قبل اتخاذ قرارك. أحد الأساليب التي يمكنك تجربتها لمواجهة مشكلة التسرع في اتخاذ القرار وأنت تواجه مشاعر سلبية هي أن تتخذ القرار بالفعل، ولكن تكتبه فقط على ورقة دون تنفيذه، ثم تنتظر لليوم التالي وتفكر مجددًا: هل كان القرار جيدًا؟ ستتفاجأ كيف يمكن ليوم واحد تهدأ فيه مشاعرك أن يغير من نظرتك للأمور.

عليك الانتباه بنفس القدر أيضًا لمشاعرك الإيجابية والتعامل معها بأسلوب مماثل. فمن الجيد أن تكون متحمسًا لخيار ما لأن ذلك قد يدفعك لبذل المزيد من الجهد لإثبات نجاحك، ولكن إذا كان حماسك مجرد مشاعر لحظية فقد تتخذ قرارًا متسرعًا وربما تفقد شغفك لاحقًا.

تخلص من الضغوط العصبية:

التفكير المفرط من أبرز أسباب التردد في اتخاذ القرارات. في كتابه “توقف عن التفكير المفرط” يرى الكاتب نيك ترينتون أن الضغوط العصبية من أبرز أسباب التفكير المفرط وينصح بالتخلص من مسببات هذه الضغوط أو على الأقل إدارتها بشكل جيد من أجل الوصول إلى الحالة الذهنية المناسبة التي تستطيع خلالها التفكير بوضوح. ويقترح الكاتب الأمريكي أساليب عديدة لترتيب أفكارك ومواجهة التفكير المفرط مثل كتابة مذكراتك وتنظيم وقتك، إلى جانب ترتيب أولوياتك ووضع أهداف ذكية.

كما يرى ترينتون أن هناك أربع طرق فقط للتعامل مع أي ضغط عصبي تواجهه خلال حياتك. الأولى هي تجنب مصدره، فإذا لم يكن ذلك ممكنًا، يجب أن تعمل على تغيير الظروف المسببة له. وإذا لم تكن تمتلك القدرة على تغيير تلك الظروف، عليك تقبلها والنظر للجانب الإيجابي للموقف، مع العمل على تغييرها لاحقًا إذا لاحت لك الفرصة. في النهاية إذا لم يكن هناك أي إمكانية لتغيير الظروف، سيكون عليك التأقلم معها دون أن تترك الأفكار السلبية تسيطر عليك. كما ستحتاج لتغيير نظرتك للأمور وخفض توقعاتك مع وضع أهداف أكثر عقلانية.

ضع حدًا زمنيًا:

إذا كان عليك اتخاذ قرار مهم وأمامك وقت كافٍ للتفكير، فقد تميل للمماطلة والانتظار حتى اللحظات الأخيرة، وهو ما سيزيد من الضغط العصبي عليك، وبالتالي ربما تختار حينها الخيار غير المناسب. أحد الحلول لمواجهة ذلك هو وضع حد زمني لاتخاذ القرار خلاله مع وضع خطة واضحة لاستخدام الوقت المتاح في تقييم خياراتك، حتى لا تضيعه في القيام بأمور غير مهمة.

ابتعد عن أي مشتتات:

احرص على أن تكون البيئة المحيطة بك منظمة وخالية من أي شيء قد يشوش تفكيرك ويفقدك التركيز. لا تقيم خياراتك أو تتخذ قراًرا مصيريًا مثلًا وأنت تشاهد مباراة كرة قدم أو تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي.

ضع أفكارك على الورق:

استخدم ورقة وقلم أو أي تطبيق يوفر سبورة إلكترونية من أجل ترتيب أفكارك والربط بينها. من شأن ذلك أن يساعدك على رؤية الصورة كاملة أو حتى الوصول لأفكار جديدة، كما أنه سيصفي ذهنك ويجعلك ترى الأمور من زوايا مختلفة.

تجنب التالي عند اتخاذ أي قرار

الاندفاع:

أن تختار بدون تفكير أو تخطيط أو على الأقل تقييم الخيارات المتاحة أمامك.

المماطلة:

أن تؤجل اتخاذ القرار لتجنب مواجهة مشكلة ما أو بسبب الخوف من الفشل في تحقيق ما تطمح إليه.

الاعتماد على حدسك:

أن يكون لديك شعور داخلي بأن خيارًا معينا هو الأنسب لك وتتخذ القرار بناءً على ذلك فقط.

الاعتماد على عاطفتك:

أن تترك عواطفك تتحكم في قراراتك.

ترك قراراتك لغيرك:

أن تعتمد على الآخرين في اتخاذ القرارات الخاصة بك بدلًا عنك.

ترك أمورك للحظ:

أن تترك الأمور للقدر دون القيام بأي شيء على أمل أن تكون محظوظًا.

عدم تنظيم وقتك ومجهودك:

أن تضيع معظم وقتك ومجهودك في مرحلة تحليل الخيارات المتاحة وتغمر نفسك بمعلومات غير مفيدة ثم لا تجد الوقت الكافي لتقييمها بشكل جيد.

التفكير في الكمال:

أن تنتظر الظروف المثالية لاتخاذ القرار، رغم علمك أنها قد لا تتوفر أبدًا.

القرار العقلاني

إن خطوات اتخاذ أي قرار عقلاني متشابهة إلى حد كبير.

  • في البداية، تواجه موقفًا يكون عليك خلاله اتخاذ قرار للمفاضلة بين خيارين أو أكثر من أجل حل مشكلة أو مواجهة تحدٍ ما أو اقتناص فرصة.
  • تتعرف على جميع الخيارات المتاحة للاستجابة لهذا الموقف.
  • تُقيّم كل خيار متاح أمامك.
  • تحدد خياًرا واحدًا وتشرع في تنفيذه.
  • تُقيّم نتائج قرارك بعد فترة محددة.
  • تتخذ قراًرا جديدًا إما بالاستمرار فيما بدأته أو تعديل مسارك أو اعتماد خيار مختلف.

ما أسباب التردد؟

الخطوة الأولى نحو التخلص من التردد هي تحديد أسبابه.

ربما تكون مترددًا في اتخاذ قرار ما بسبب عدم قدرتك على رؤية الخيارات بوضوح، إما لنقص المعلومات المتاحة عنهم أو عدم امتلاكك الخبرة الكافية لتقييمهم.

وفي أحيان كثيرة يكون السبب هو خوفك من عدم سير الأمور كما خططت لها في المستقبل، سواء كان ذلك بسبب ظروف خارجة عن سيطرتك أو قلة ثقتك في قدراتك وإمكانياتك. كما قد يكون السبب أن جميع الخيارات متساوية في الإيجابيات أو حتى في السلبيات.

تعرف على كل الخيارات المتاحة

قبل أن تبدأ عملية التقييم لا بد أن تحدد كل الخيارات المتاحة.

إذا كان الموقف الذي تحتاج لاتخاذ القرار بشأنه يتطلب فقط المفاضلة بين خيارين، كأن تقبل عرض عمل أو ترفضه، فالأمر واضح. ولكن إذا كانت هناك خيارات عديدة فعليك التأكد من أنك قمت بالفعل بحصرها جميعًا. لا تستبعد أي خيارات خلال هذه المرحلة.

تقييم الخيارات

ينبغي أن تكون لديك خطة لتقييم خياراتك خال مدة زمنية محددة حتى لا تماطل.

قبل أن تبدأ في تقييم الخيارات المتاحة أمامك من المفترض أنك تعرف جيدًا ما هي أولوياتك وقيمك، وأنك قد حددت بالفعل أهدافك الشخصية والمهنية. استبعد منذ البداية أي خيارات لا تتوافق معهم حتى لا تضيع وقتك.

الخطوة الأولى لتقييم خياراتك هي جمع كافة المعلومات الممكنة عن كل منها. كلما علمت أكثر، كلما كنت أكثر ثقة عند اتخاذ القرار، ولكن من الأفضل أن تحدد المعلومات التي تريد الوصول إليها حتى لا تضيع وقتك أو تجمع كميات هائلة من المعلومات لا طائل منها.

خلال تقييم كل خيار هناك أسئلة عديدة يمكنك البحث عن إجابة عنها، منها على سبيل المثال:

  • لماذا تريد اتخاذ القرار؟
  • هل الأمر بالفعل مهم وسيساعدك على تحقيق أهدافك؟
  • ما المطلوب منك إذا اتخذت القرار؟
  • هل أنت مستعد للالتزام بالقرار؟
  • هل أنت مستعد للخروج من منطقة الراحة الخاصة بك؟
  • هل هذا الخيار واقعي ويمكن تحقيقه في ظل الظروف المتوفرة حاليًا؟
  • هل سيؤثر القرار في مستقبلك فقط أم مستقبل من حولك مثل أسرتك أو الأشخاص المسؤولين منك؟
  • هل يناسب الخيار قدراتك وإمكانياتك؟ وهل تمتلك المهارات والموارد الكافية لتنفيذه؟
  • ما نقاط قوتك التي ستعينك على القيام بالمطلوب منك؟
  • ما نقاط ضعفك التي قد تشكل عائقًا أمام تحقيق ما تصبو إليه؟ وهل هناك سبيل لتطويرها أو التخلص منها؟
  • هل يلبي هذا الخيار طموحاتك؟
  • ما الفوائد التي ستعود عليك لو سارت الأمور كما خططت لها؟
  • ما الذي قد تخسره إذا لم تسر الأمور كما خططت لها؟
  • ما أقل ما يمكنك قبول تحقيقه إذا لم تصل إلى النتائج التي تصبو إليها؟
  • ما التحديات التي يحتمل أن تواجهها وكيف يمكنك أن تستعد لها وتتعامل معها؟
  • ما الذي يمكن أن تخسره إذا تجنبت اتخاذ القرار؟

عقلية النجاح

نصل الآن للخطوة الأهم، فرغم تحديد الخيارات المتاحة أمامك وتقييمها، قد تظل حائرًا بين أكثر من خيار، والسبب يكون في الغالب هو خوفك من ألا يؤدي قرارك لتحقيق النتائج المأمولة في المستقبل لظروف خارجة عن سيطرتك أو لضعف ثقتك في قدراتك بسبب إخفاقك في السابق.

كيف يمكنك أن تتعامل مع هذا الأمر؟ الحل يكمن في تغيير أسلوب تفكيرك والنظر للأمور بطريقة مختلفة. عليك أن تعمل وأنت تتوقع النجاح ولا تفكر في الفشل. إذا نجحت في ذلك ستتفاجأ من تأثيره في قدرتك على اتخاذ القرارات!

إن الرغبة في التحكم بالمستقبل والتفكير الدائم فيما حدث في الماضي يبقيانك محاصرًا داخل دائرة التفكير المفرط.

اتخذ قرارك وابذل قصارى جهدك لتحقيق ما تصبو إليه، ولكن اعلم أن ما خططت له قد يتأثر بأمور خارجة عن سيطرتك. لا يمكنك التحكم فيما سيحدث مستقبلًا أو حتى التنبؤ به. فمثلًا، هل كان أحد يتوقع وباء كورونا وتأثيره على كل جوانب حياتنا؟

أما بالنسبة لما حدث في الماضي، فالتفكير الدائم فيه أيضًا سيفقدك التركيز ويستنفذ طاقتك، وبالطبع لن يمكنك تغييره. إن أي قرارات خاطئة اتخذتها وأدت لنتائج غير مرجوة لا تعني أنك إنسان فاشل غير قادر على اتخاذ قرارات صحيحة. إنها مجرد تجارب استفدت منها وتعلمت منها ما يجب تجنبه وما يجب القيام به لاتخاذ قرارات أفضل مستقبلًا.

في كتابها “استشعر الخوف وأقدم على ما تخاف” ترى الكاتبة الأمريكية سوزان جيفرز أن معظم الناس تعودوا على التفكير بطريقة خاطئة عند المفاضلة بين خيارين، وهي ما أطلقت عليه عقلية ال “لا مكسب” التي نسأل خلالها أنفسنا باستمرار “ماذا لو؟”، فنتردد، ثم نظل خائفين من أن القرار الذي اتخذناه ربما كان خاطئًا، وأن الخيار الآخر كان الأصح! كما أننا نحاول التحكم في الظروف الخارجة عن سيطرتنا، ونأمل حدوث كل شيء في المستقبل كما توقعناه، وهو بالتأكيد أمر مستحيل.

وتنصح جيفرز بتغيير طريقة تفكيرنا لما أسمته عقلية ال “لا خسارة”، وهي أن نختار أحد الخيارين ونحن على ثقة من أنه مهما كان اختيارنا لن يكون هناك ما نخسره، بل أننا لا بد وأن نجني فوائد. قد تكون الفائدة فرصة لخوض تجربة حياتية جديدة، أو اكتساب خبرة أو معرفة، أو اكتشاف جوانب جديدة في شخصيتك. إذا آمنت أن هناك فرص لتحقيق شيء جيد في كل خيار أمامك ستفكر بطريقة أفضل.

قد يرى البعض أن التفكير بالأسلوب الثاني أمر غير عقلاني وأن من الخطأ الإفراط في التفاؤل، ولكن جيفرز ترى أن العقلية الأولى ستدفعك للتفكير في السلبيات وتعيق نموك وتطورك، أما الثانية فستجعلك أكثر قوة واستعدادًا لمواجهة أي تحدٍ بدون خوف.

الخلاصة

سيكون عليك في كثير من الأحيان اتخاذ قرارات دون أن تكون على ثقة كاملة من تحقيق النتائج المرجوة. عليك عوضًا عن ذلك التركيز على ما تفعله الآن والعمل على تحقيق هدفك، وأنت مؤمن بقدرتك على الوصول له وتجاوز أي تحدٍ قد تواجهه إذا لم تسر الأمور كما كنت تأمل. اعتبر كل قرار تتخذه فرصة للتعلم والنمو والمضي قدمًا. فحتى لو لم تنجح في تحقيق هدفك، ستكتسب خبرات تمكنك من تحقيق أهداف أكبر منه في المستقبل.

اعلم أيضًا أن الخبرات التي ستكتسبها على مدار حياتك ستثري شخصيتك وتغير نظرتك للعديد من الأمور، وبالتالي قد تتغير مفاهيمك عن النجاح. ربما تتخذ قرارًا من أجل الوصول لهدف معين، ولكن مع مرور الوقت تغير تجارب الحياة نظرتك لبعض الأمور أو تفتح لك أفاق تفكير جديدة، فتكتشف أن قرارك بالفعل كان جيدًا، ولكن لأسباب مختلفة لم تفكر فيها من قبل.

قيّم النتائج التي حققتها من وقت لآخر، وصحح مسارك إذا احتجت لذلك. أما إذا تأكدت أن القرار لم يكن صحيحًا، فعليك تحمل مسؤولية قرارك بالكامل دون أن تلوم الآخرين أو الظروف التي لا يمكنك التحكم فيها. واعلم أن الخسارة والألم والإحباط جزء من تجارب الحياة، وأن شخصيتك تتكون من خلال قراراتك الصحيحة والخاطئة على حد سواء. المهم أن تتعلم من تلك التجارب وتستفيد منها في اتخاذ قرارات أفضل مستقبلًا وألا تستسلم للمشاعر السلبية وتمضي بحياتك قدمًا نحو تحقيق أهدافك.

طور هذه المهارات لتصبح صانع قرار أفضل:

البحث التخطيط
حل المشكلات إدارة الوقت
التفكير التحليلي التواصل
الذكاء العاطفي التفكير الإبداعي
التفكير النقدي

 

استعن بأصحاب الخبرة

في كل مرحلة من مراحل اتخاذ القرار لا يوجد ما هو أفضل من الحصول على المشورة ممن يمتلكون الخبرة. قد يكون هؤلاء أشخاصًا خاضوا تجارب مماثلة لما تطمح إليه، أو حققوا النجاح في المجال المرتبط بقرارك، أو قد يكونوا متخصصين مدربين لمساعدتك في نفس المجال.

استعن بهؤلاء المتخصصين في تحديد الخيارات المتاحة أمامك، وجمع المعلومات عنها وتقييمها، وكذلك لتقييم إمكانياتك وقدراتك ومقارنتها بما هو مطلوب لاتخاذ قرارات جيدة.

واجعل هدفك من طلب المشورة نيل أكبر قدر ممكن من المعرفة عن هدفك وعن إمكاناتك، إلى جانب رؤية صورة أوضح للموقف بشكل عام والحصول على الاقتراحات واستبعاد الخيارات غير المناسبة. من شأن كل ذلك أن يمنحك المزيد من الثقة عند اتخاذ القرار الذي يجب أن يكون قرارك أنت في النهاية.

القرارات المهنية

دعونا الآن نطبق كل ما تعلمناه على قرار مهم سيكون عليك اتخاذه في بداية مسيرتك المهنية وهو تحديد المجال المهني التي تطمح للعمل فيه واختيار التخصص الدراسي.

لنفرض إنك طالب في المدرسة وما زلت مترددًا في اتخاذ قرار بشأن ما تريد تحقيقه على المستوى المهني مستقبلًا. كما اتفقنا سيكون عليك استشارة أصحاب الخبرة، وهو في هذه الحالة المرشد المهني في مدرستك. يمتلك المرشدون المهنيون الخبرة الكافية والأدوات اللازمة لتحديد أسباب ترددك ومساعدتك في التعرف بشكل أكبر على ميولك المهنية وكافة الخيارات المتاحة أمامك، إلى جانب تقييم قدراتك وإمكانياتك، واقتراح التخصصات الدراسية الأنسب لك، وتوفير المعلومات اللازمة عن الجامعات ومتطلبات الالتحاق بها، وأيضًا المهن المتوفرة ومستقبلها في سوق العمل.

ولكن عليك أن تجتهد بنفسك أيضًا. تحدث مع من يعملون في المجالات التي تفكر بها. اقرأ كتبًا في مختلف المجالات. يمكنك تعلم الكثير من السير الذاتية للأشخاص الناجحين. ابحث عن معلومات في الإنترنت ولكن تأكد أن المصادر التي تستقي منها معلوماتك موثوقة. استكشف المواقع الرسمية للجامعات وتواصل معها. تواصل مع المؤسسات والشركات وقم بزيارتها للتعرف على بيئة العمل والبحث عن فرص للتدريب. ولكن تذكر، في النهاية سيكون عليك اتخاذ قرار اختيار التخصص الذي تميل إليه بنفسك وباستقلالية تامة.

وبعد تحديد مسارك المهني، اجتهد من أجل تحقيق هدفك، ولكن كن ذا عقلية لا تفكر إلا في النجاح مهما كانت الظروف، وذلك بأن تكون واثقًا من قدرتك على تجاوز أي تحديات تواجهك لأنك تعلم أنك تمتلك المعرفة والمهارات اللازمة لذلك، ولأنك تعلم أن الخبرات التي ستكتسبها ستعود عليك بالفائدة. لا تضيع طاقتك الذهنية في التفكير بأسئلة مثل “ماذا لو كان اختياري خاطئًا وكان الخيار الآخر هو الأفضل؟” و”ماذا لو لم أجد عملًا؟”.

فإذا اخترت مثلًا مسارًا مهنيًا في مجال تعرض لأزمات بسبب ظروف خارجة عن سيطرتك مثل وباء كورونا، أنت تعلم أن ذلك لن يؤثر فيك. نعم، قد لا تصل لما كنت تطمح إليه، ولكنك مستعد لمواجهة أي تحدي. ستستفيد من مهاراتك وخبراتك للعمل في مجال مختلف، أو ستكتسب مهارات جديدة تثري خبراتك وتفتح أمامك أفاقًا جديدة، وربما ستعمل على بناء مشروعك الخاص. سيكون هناك دائمًا فرص، وحتى إن لم يحدث ذلك، ستصنع الفرص بنفسك. تخيل لو كنت تمتلك هذه العقلية، كيف ستتخذ قراراتك؟