ما تحتاج لمعرفته قبل الدراسة في الخارج

 

الدراسة الجامعية في الخارج تجربة لها مزايا عديدة، فإلى جانب كونها تمنحك فرصة دراسة برامج متطورة قد لا يتاح لك دراستها في بلدك، فإنها أيضاً تسهم ولا شك في تنمية شخصيتك من خلال تعزيز اعتمادك على نفسك بشكل أكبر، وكذا انفتاحك على مجتمعات جديدة وتعرفك على ثقافات مختلفة.

وعند اختيارك للجامعة التي ستدرس بها، لا بد وأن يعتمد تقييمك لها على جودة البرامج التي تقدمها، وترتيبها على المستوى العالمي، وبالطبع مدى ملاءمتها لإمكاناتك وطموحاتك. والأهم أن يكون التخصص الذي اخترته مطلوبًا في سوق العمل، وأن يكون أحد التخصصات المتاحة في برنامج الابتعاث الحكومي (إذا كنت ستلتحق به). كما ينبغي التأكد من أن الدرجة العلمية التي تمنحها الجامعة يمكن اعتمادها من قبل وزارة التعليم والتعليم العالي في الدولة.

وهناك عامل آخر عليك التفكير فيه أيضًا بجدية قبل اختيارك للجامعة التي ستدرس بها، ألا وهو الدولة التي تحتضن هذه الجامعة.

فغالبًا ما يختار الطلاب المبتعثون من دولة قطر الدراسة في إحدى جامعات بريطانيا أو الولايات المتحدة، نظرًا للسمعة الممتازة التي يتمتع بها نظام التعليم العالي في كلتا الدولتين. كما أن حقيقة أن الإنجليزية هي اللغة الرسمية المعتمدة في هذين البلدين تدفع الكثيرين لهذا الاختيار، على اعتبار أن مهام الحياة اليومية والاندماج في بيئة الجامعة وفي المجتمع بشكل عام يصبح أسهل. ولكن إذا حصرت خياراتك بناءً على ذلك فقط، فأنت ترتكب خطأً فادحًا، والسبب هو أن التخصص الذي ترغب في دراسته قد يكون متاحًا في جامعة بدولة مختلفة ضمن برنامج بجودة أعلى. على سبيل المثال، هناك كليات طب تقدم برامج مميزة في تخصصات بعينها في سويسرا وفرنسا وألمانيا والسويد، لذا عليك أن تحرص على البحث بجدية والتحدث مع أصحاب الخبرة قبل اتخاذ قرارك.

ستتعرفون خلال الأسطر التالية على تجارب ثلاثة شباب قطريين اختاروا وجهات غير تقليدية للدراسة الجامعية، حيث سيروون لنا أسباب اختيارهم للجامعات التي درسوا بها، وكيف استفادوا من تجاربهم، بالإضافة إلى نصائحهم لمن يرغب في الاستفادة المثلى من الدراسة بالخارج.

 
 

أحمد الشافعي

ماجستير هندسة الطاقة المتجددة
كلية الهندسة
جامعة نيو ساوث ويلز – أستراليا

درست الهندسة الكهربائية في بريطانيا، وبعد حصولي على شهادة البكالوريوس عدت إلى قطر، وعملت مهندس صيانة كهربائية على إحدى منصات البترول البحرية. كنت أمتلك دومًا شغفًا للتعمق أكثر في دراسة مادة الإلكترونيات الضوئية التي كنت قد درستها خلال السنة الأخيرة في الجامعة. الجميع يعلم أن الشمس أسهمت في تكوين كل مصادر الطاقة الموجودة الآن على الأرض، ولكن فكرة إمكانية توليد الطاقة مباشرةً من الشمس كانت دائمًا تثير فضولي، فالأمر كان يبدو خياليًا. أنا مهتم أيضًا بقضايا الاستدامة والمحافظة على البيئة، كما أن لمجال الطاقة المتجددة مستقبل رائع وهناك اهتمام كبير به هنا في قطر. بناءً على كل ذلك، قررت مواصلة دراستي والتخصص في مجال الطاقة الشمسية.

وقع اختياري على الدراسة في جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية للحصول على درجة الماجستير في الطاقة المتجددة، والسبب أنها إحدى أشهر الجامعات على مستوى العالم في مجال التكنولوجيا، كما أنها أسهمت بشكل كبير في تطوير مجال الطاقة الشمسية في العالم عبر قسم الأبحاث فيها. إضافة إلى ذلك، هناك صناعات قائمة في أستراليا تعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية، وبالتالي شكَّل كل ذلك بيئة مثالية للتعلم واكتساب الخبرة في هذا المجال.

لم يشكل سفري إلى أستراليا وقضاء عامين في الدراسة أي مشكلة، لأن عائلتي تعودت على سفري الدائم، فأنا أهوى الترحال واستكشاف البلدان المختلفة حول العالم، كما أنني قضيت من قبل أربع سنوات في بريطانيا للدراسة.

اجتزت إجراءات القبول والتسجيل في الجامعة بسهولة، ولم تكن هناك تحديات كبيرة خلال الدراسة، على الرغم من أن مستوى الجامعة في أستراليا كان أعلى بكثير من الجامعة التي درست بها في بريطانيا، خاصةً فيما يتعلق بالمناهج واعتمادهم نظام المشاريع في الدراسة، وهو ما يعني أنك بحاجة للاعتماد على نفسك بشكل أكبر.

نصيحتي لأي شخص يرغب في الدراسة بالخارج هي أن يختار تخصصًا جامعيًا يثق في قدرته على التميز فيه. ادرس دون التفكير أن هناك وظيفة تنتظرك عند عودتك إلى بلدك. ابذل قصارى جهدك للتفوق حتى على أبناء البلد الذي تدرس فيه، فلا تنس أنك تتلقى دعمًا أكبر منهم، وتفوقك عليهم سيكسبك ثقة كبيرة في نفسك.

استغل وقت فراغك في استكشاف البلد الذي تدرس به وفي خوض تجارب محلية تقربك من الناس. احرص أيضًا على بناء روابط قوية مع أساتذتك وزملائك، وحافظ عليها حتى بعد عودتك إلى بلادك.

بعد حصولي على شهادة الماجستير، عدت إلى قطر حيث أعمل حاليًا أستاذًا مساعدًا في جامعة قطر، وقد أحببت المجال الأكاديمي وأنوي الاستمرار فيه، لأنه يمنحني فرصة تعليم الأجيال المقبلة ما اكتسبته من علم وخبرة، ولكنني سأبقى دومًا مستعدًا لخدمة بلادي في أي مكان وأي مجال.

 
 

أمل الكبيسي

بكالوريوس الوسائط المتعددة
كلية علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات
جامعة بوترا – ماليزيا

أدرس الوسائط المتعددة في جامعة بوترا الماليزية، وقد اتخذت قراري بدراسة هذا التخصص منذ أن كنت في المرحلة الإعدادية، حيث كنت أحب مجال البرمجة والتصميم منذ الصغر. شجعتني أسرتي كثيرًا على السعي لتحقيق طموحي ودراسة التخصص الذي أرغب فيه، كما كان لمؤازرة أصدقائي ومعلميَّ دور كبير في إقناعي بأن هذا التخصص هو الأنسب لي.

اخترت هذه الجامعة لأسباب عديدة، أولها بالطبع أنها كانت من ضمن الجامعات المعترف بها من قبل وزارة التعليم والتعليم العالي في دولة قطر. كما أنها تتميز بتعدد التخصصات ووجود مسارات متنوعة لكل تخصص، وقد وجدت أن دراسة الوسائط المتعددة تتناسب تمامًا مع طموحاتي. كذلك فإن مستوى المرافق ومراكز الأبحاث المتوافرة في الجامعة متقدم للغاية. ومن مميزات الجامعة أيضًا أن قسم الإرشاد الأكاديمي فيها يعمل بشكل متواصل مع كل طالب لمساعدته على تطوير مهاراته والاستعداد لسوق العمل. بالإضافة لذلك، يتضمن منهج السنة الدراسية الأخيرة تدريبًا ميدانيًا إجباريًا، حيث تحرص الجامعة على تسهيل قبول الطلاب في الشركات لهذا الغرض.

واجهت في البداية بعض الصعوبات في الحصول على فرصة الابتعاث من قبل وزارة التعليم والتعليم العالي، لكنني صممت على تحقيق هدفي، والتحقت بالدراسة في الجامعة على نفقتي الخاصة في البداية، حتى تم توفيق أوضاعي في وقت لاحق. كان التحدي الآخر بالنسبة لي هو عدم وجود ملحق ثقافي، غير أن سعادة السفير عيسى المناعي، سفير قطر السابق في ماليزيا، كان له دور كبير في تسهيل بعض العقبات التي واجهتني في البداية، إلى أن تأقلمت بشكل كامل مع الحياة هناك.

قبل اختيارك للجامعة التي ستدرس بها في الخارج، تأكد من مستواها الأكاديمي، وأيضًا من أن التخصص الذي ستدرسه هو ما تبحث عنه بالفعل. وعند السفر للدراسة، يجب أن تكون ملتزمًا وأن تتعامل مع الدراسة بجدية وتتحمل أي صعوبات قد تواجهها. أنصحك أيضًا بأن تتعلم لغة البلد الذي ستدرس فيه، لأن الأمر سيسهل كثيرًا حياتك اليومية، كما أنه سيوسع مداركك ويفتح لك آفاقًا جديدة للتعلم.

بعد تخرجي، أطمح إلى أن أعمل مصممة تجربة المستخدم “UX” وواجهة المستخدم “UI”، فهما مجالان مهمان ولهما شأن كبير في الوقت الحالي وفي المستقبل.

 
 

راشد أبو خديجة

بكالوريوس العلاقات الدولية
كلية العالقات الثقافية الدولية
جامعة توكاي – اليابان

كنت دائمًا أطمح للعمل في المجال الدبلوماسي، لإيماني بقدرتي على خدمة بلادي من خلاله. وبما أن تخصص العلاقات الدولية من التخصصات المطلوبة من قبل وزارة الخارجية، سعيت للحصول على فرصة الابتعاث الحكومي من خلال الوزارة، وبالفعل وفقت في ذلك، وكان اختياري هو الدراسة في اليابان لأنها دولة تمتلك علاقات أخوية مع قطر في جميع المجالات، إلى جانب كونها من الدول المتقدمة على مستوى العالم في التكنولوجيا والعلم والثقافة.

التحقت بقسم العلاقات الدولية في كلية العلاقات الثقافية الدولية بجامعة توكاي، التي تعد واحدة من أفضل الجامعات في اليابان. كانت إجراءات القبول صعبة نظرًا لقلة عدد الطلاب الأجانب في الجامعة، ولكنني كنت عازمًا على تحقيق هدفي، واجتزت العديد من الاختبارات بنجاح ليتم قبولي في النهاية. وكان دعم أسرتي ومؤازرتهم لي في كل خطوة أتخذها سببًا رئيسيًا في تحقيق هدفي.

كان التحدي الأكبر الذي واجهته خلال السنة الأولى هو التأقلم مع الثقافة المختلفة، ولكنني تغلبت على هذا الأمر بتعلمي اللغة اليابانية، وقد ساعدني كثيراً على ذلك وجود معهد لتدريسها داخل الجامعة. قد تعتقد في البداية أن اللغة اليابانية صعبة، ولكن من الممكن أن تتعلم أي لغة إذا كنت ترغب فعلًا في ذلك، وإذا بذلت المجهود الكافي لتعلمها.

أرى أن استفادتك بشكل حقيقي من الدراسة في الخارج تتوقف على مدى التزامك وقدرتك على تحدث لغة البلد والاندماج مع الثقافة المحلية. بشكل عام، احرص دائمًا على التميز عند اختيار تخصصك الدراسي في الجامعة، فكلما تخصصت في مجال مميز كانت فرصتك أفضل في سوق العمل. وإذا واجهت صعوبة في الدراسة، لا تستسلم وواصل تخطي الصعوبات من أجل تحقيق طموحاتك وخدمة وطنك.

أطمح أن أعود إلى وطني بعد التخرج، وأن أبذل قصارى جهدي في خدمته من خلال تميزي في عملي.