الاستثمار المبكر في المهارات: طريقك الأسرع نحو النجاح المهني

 

نصائح وإرشادات من مركز قطر للتطوير المهني بمناسبة اليوم العالمي لمهارات الشباب

يحتفل العالم في 15 من يوليو باليوم العالمي لمهارات الشباب، وبهذه المناسبة يسلط مركز قطر للتطوير المهني الضوء على أهمية الوعي المهني المبكر، والمهارات الضرورية لشبابنا شبابنا، وضرورة تنميتها والبناء عليها.

فمع التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، تشهد حياتنا اليومية تغيرات جذرية، وبات سوق العمل داخل دولة قطر وخارجها في مقدمة الجهات التي فضلت أن تتأقلم مع التغيرات المعرفية والتكنولوجية والاقتصادية نظرًا للإمكانيات التي تفرضها تلك التغيرات من حيث رفع الإنتاجية والكفاءة، وتعزيز عقلية الابتكار والإبداع في سوق العمل؛ فمن الحكمة أن يعي شباب اليوم المهارات التي يمتلكونها بالفعل وسبل تنميتها وتلك اللازمة للتأقلم مع التغيرات في سوق العمل.

ولنعلم أين يقف شبابنا من هاتين النقطتين، سعينا خلال الفترة الماضية لاستضافة عدد كبير من الطلبة واستبيان آرائهم حول أبرز المهارات الواجب امتلاكها تحضيرًا للانضمام لسوق العمل مستقبلًا.

وخلال هذا المقال نستعرض معكم نتائج استبياننا، والإرشادات التي تصوب المعتقدات السائدة لدى شبابنا، وسنزودكم بمجموعة من النصائح حول المهارات التي يجب امتلاكها وسبل تعزيزها والبناء عليها.

الوعي المهني المبكر، دوره وأهميته:

يؤدي الوعي المهني دورًا محوريًا في تمكين الشباب من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مساراتهم الأكاديمية والمهنية في المستقبل، كما هو الحال في عملية تحديد المسارات المناسبة للأفراد الذين يتطلعون إلى التطور المهني. ومن خلال تقديم خدمات التعليم والتطوير المهني في مراحل مبكرة، نمكّن الطلاب من تحديد اهتماماتهم وشغفهم ومهاراتهم. ويسمح هذا الوعي بدوره بمواءمة مساعي الشباب التعليمية مع تطلعاتهم المهنية، مما يضمن انتقالًا أكثر سلاسة نحو سوق العمل.

وكانت المقابلات التي أجريناها مطمئنة للغاية، حيث برهن جميع الطلاب على وعيهم بمفاهيم التطوير المهني، وكانوا على دراية بأهمية مواصلة البناء على نقاط قوتهم وتحسين مهاراتهم. كما قدموا أيضًا رؤى قيمة حول المهارات التي يعتقدون أنها ضرورية للنجاح في سوق العمل.

يمكننا، في هذا المقام، تقييم إجابات الطلاب وتحديد مدى معرفتهم الفعلية بمتطلبات سوق العمل:

التواصل: التواصل الفعال ضروري لبناء العلاقات والتعاون مع الزملاء ونقل الأفكار بوضوح، وهو مهارة أساسية في جميع المجالات المهنية.

إدارة الوقت: تعد القدرة على تحديد أولويات المهام، وإدارة المواعيد النهائية، والاستفادة من الوقت بكفاءة، أمرًا حيويًا للإنتاجية وتحقيق الأهداف.

التفكير الإيجابي: الحفاظ على عقلية إيجابية يعزز المرونة والقدرة على التكيف، والنهج الموجه نحو حل التحديات، مما يساهم في النجاح الشامل في مكان العمل.

العمل الجماعي: التعاون والعمل الجماعي ضروريان في بيئات العمل المترابطة التي نعيشها اليوم. العمل بشكل جيد مع الآخرين والاستفادة من وجهات النظر المتنوعة يعزز الابتكار والإنتاجية.

صنع القرار: القدرة على تحليل المعلومات، وتقييم الخيارات، واتخاذ قرارات مستنيرة أمر بالغ الأهمية لمواجهة المواقف المعقدة وتحقيق النتائج المرجوة.

تعدد المهام: على الرغم من أن تعدد المهام يبدو مهمًا، إلا أن الأبحاث تشير لكون التركيز على مهمة واحدة في كل مرة يحسن الإنتاجية وجودة العمل. الأولوية هنا تكمن في موازنة الأولويات بشكل فعال.

الثقة: ثقة الفرد بنفسه وأفكاره تساعد في اتخاذ المبادرة، واستعراض مواهبه، ومتابعة فرص النمو.

حل النزاعات: مهارة معالجة النزاعات وحلها، تعزز بيئة عمل متناغمة وتعزز العمل الجماعي.

مهارات أساسية إضافية:

في حين سلط الأشخاص الذين تمت مقابلتهم الضوء على أهمية “المهارات الناعمة”، مثل الاتصال وإدارة الوقت والتفكير الإيجابي والعمل الجماعي واتخاذ القرار وتعدد المهام والثقة وحل النزاعات، يبقى من المهم الاعتراف بأهمية أنواع أخرى متعددة من المهارات التي تلعب أيضًا دورًا مهمًا في النجاح المهني.

من المهارات التي تستحق الاهتمام بها نذكر المهارات الفنية، وهي مهارات خاصة بمجال أو صناعة معينة ويتم اكتسابها من خلال التعليم الرسمي أو برامج التدريب أو الخبرة العملية (التدريب الداخلي وفرص المعايشة المهنية). ومن الأمثلة على المهارات الفنية: البرمجة، وتحليل البيانات، والتصميم الجرافيكي، والتحليل المالي، وإدارة المشاريع. كما يعد تطوير المهارات الفنية أمرًا بالغ الأهمية للأفراد للتميز في المهن التي يختارونها، للمساهمة بفعالية في مؤسساتهم.

بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيز متزايد على المهارات المختلطة، أو المهارات القابلة للتحويل. تشمل هذه المهارات مزيجًا من المهارات التقنية والناعمة، والتي يمكن تطبيقها في مختلف الصناعات والأدوار. تشمل المهارات المختلطة مثلًا القدرة على حل المشكلات والتكيف والتفكير النقدي وإدارة المشاريع. كما تمكّن الأفراد من الاستفادة من مجموعة متنوعة من القدرات، والتنقل في المواقف والتحديات المختلفة بسلاسة.

علاوة على ذلك، أصبحت محو الأمية الرقمية والكفاءة التكنولوجية مهارات لا غنى عنها في العصر الرقمي اليوم. إذ تعد القدرة على استخدام الأدوات الرقمية بشكل فعال، والتنقل بين المنصات الافتراضية، والاستفادة من البيانات والتحليلات، والتكيف مع التطورات التكنولوجية أمرًا حيويًا للبقاء في المنافسة بين القوى العاملة الحديثة.

أخيرًا، لا ينبغي تجاهل مهارات التنمية الشخصية. تركز هذه المهارات على تحسين الذات وتشمل تحديد الأهداف وإدارة الوقت والتحفيز الذاتي والمرونة والتعلم المستمر. هذه المهارات تمكّن الأفراد من التحكم في تطورهم، واتخاذ قرارات مهنية مستنيرة، والتكيف بشكل استباقي مع الظروف المتغيرة.

مجموعة المهارات الناعمة التي أوردها الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أغفلت بعضاً من المهارات الهامة التي سنقوم بإدراجها فيما يلي:

القدرة على التكيف: تكتسب هذه المهارة أهمية بالغة في عالم سريع التغير. فهي تضمن القدرة على تبني التغيير، وتعلم التقنيات والمنهجيات الجديدة، والتكيف بسرعة مع الظروف الجديدة المرونة والقدرة التنافسية في سوق العمل.

التفكير النقدي: يمكّن الأفراد من تحليل المواقف وتقييم المعلومات وإصدار أحكام منطقية. وهو ينطوي على التشكيك في الافتراضات المسبقة، والنظر في وجهات النظر المتعددة، وحل المشكلات المعقدة بشكل فعال.

الإبداع: يبرز الإبداع كمهارة حيوية في اقتصاد يحركه الابتكار بشكل متزايد. القدرة على التفكير خارج الصندوق، واستنباط أفكار فريدة، والتعامل مع التحديات بمنظور جديد كلها تساعد في تعزيز الابتكار وتحفيز النمو.

القيادة: تكتسب مهارات القيادة قيمة وازنة في أي دور أو مسار مهني. تتضمن القيادة الفعالة إلهام الآخرين وتحفيزهم، وتسهيل التعاون، واتخاذ قرارات مستنيرة، وتحمل مسؤولية النجاح الشخصي والفريق.

الذكاء العاطفي: وهو يشمل الإدراك الذاتي، والتعاطف، والقدرة على إدارة المشاعر والتعامل معها بشكل فعال. تمكن هذه المهارة الأفراد من بناء علاقات قوية، والتواصل بشكل فعال، والتعامل مع الديناميكيات الشخصية بتعاطف وتفهم.

دليلك السريع لتطوير مهاراتك:

لمساعدة الشباب على تطوير مهاراتهم وتعزيزها، نقدم التوجيهات التالية:

1– التقييم الذاتي: حدد نقاط قوتك وضعفك واهتماماتك وقيمك، لتوضيح مجموعة مهاراتك ومجالات التحسين الممكنة.

2– ابحث عن التوجيه: تفاعل مع المستشارين والموجهين والمهنيين الذين يمكنهم تقديم رؤى ونصائح مصممة خصيصًا لأهدافك المهنية.

3– التعلم المستمر (مدى الحياة): تبنَّ خيار التعلم مدى الحياة من خلال متابعة التعليم بشكله المعتاد، مع وحضور ورش العمل، والمشاركة في الدورات عبر الإنترنت، ومواكبة اتجاهات الصناعة.

4– الممارسة والخبرة: ابحث عن فرص لتطبيق مهاراتك وصقلها من خلال التدريب الداخلي، والوظائف بدوام جزئي، والتطوع، والأنشطة اللامنهجية.

5– قبول التحديات: اخرج من منطقة الراحة الخاصة بك، واقبل التحديات التي تسمح لك بتطوير مهارات جديدة وتعزيز المهارات الموجودة.

6– التواصل: بادر إلى بناء شبكات مهنية للتواصل مع الأفراد في المجال الذي تريده، واكتساب الأفكار، وخلق فرص للنمو المهني.

7– التفكير والتقييم: قم بتقييم تقدمك باستمرار، وتعلم من التجارب، وإجراء التعديلات لزيادة تطوير مهاراتك.

في الختام:

اليوم العالمي لمهارات الشباب هو مناسبة لنتذكر الدور الهام الذي يلعبه الوعي المهني وتنمية المهارات في تشكيل المستقبل المهني لشبابنا. ورغم أن التوجه العام لمن تمت مقابلتهم يسلط الضوء على أهمية المهارات الشخصية، وهي ضرورية بلا شك، فمن المهم أيضاً إدراك أهمية المهارات التقنية، والمهارات المختلطة ومحو الأمية الرقمية ومهارات التنمية الشخصية في المشهد المهني اليوم.

ومن خلال رعاية مجموعة من المهارات الشاملة التي تشمل أنواعًا مختلفة من المهارات، يمكن للأفراد وضع أنفسهم على مسار لتحقيق النجاح على المدى الطويل، والتكيف مع متطلبات الصناعة المتطورة، واغتنام الفرص للنمو المهني.