ما الذي يمكن أن يتعلمه رواد الأعمال من أزمة كوفيد- 19؟

مركز نماء يجيب

 

شهد مجال ريادة الأعمال في قطر ازدهارًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة، حيث يبدو ذلك جليًا من خلال ظهور العديد من المشروعات الناجحة التي أسسها رواد الأعمال في مختلف القطاعات. ولا يبدو الإقبال المتزايد من الشباب القطري على اقتحام عالم ريادة الأعمال أمرًا مفاجئًا، فقد بذلت دولة قطر جهودًا جبارة على مدار العقدين الأخيرين من أجل بناء بيئة مثالية لرواد الأعمال يجدون فيها كل ما يساعدهم في تحويل أفكارهم المبتكرة إلى مشروعات ناجحة توفر حلولًا فاعلة لمختلف التحديات

القائمة وتسهم في ذات الوقت في تحقيق تنوع اقتصادي أكبر.

وتتواجد في قطر العديد من المؤسسات الداعمة لرواد الأعمال، من بينها مركز الإنماء الاجتماعي ”نماء“، الذي يركز على تعزيز وتطوير قدرات رواد الأعمال من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، كما يوضح السيد/ حمد جعفر الصفار، رئيس قسم برامج ريادة الأعمال في المركز: ”يسعى مركز نماء إلى تأهيل وتمكين الشباب بالبرامج والأفكار الجديدة والمبتكرة، اتساقًا مع رسالته المستمدة من رسالة المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي الهادفة لتوسيع الخيارات المتاحة للشباب، وبناء قدراتهم، وتمكينهم في دولة قطر. وُتولي استراتيجيتنا أهمية خاصة لريادة الأعمال، حيث نعمل على بناء القدرات المعرفية والمادية لرواد الأعمال من أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لتمكينهم من تنفيذ وإدارة مشروعاتهم بشكل يضمن نموها واستمرارها“.

وتشمل الخدمات التي يقدمها المركز لرواد الأعمال الشباب أموًرا مثل التدريب والاستشارات، بالإضافة إلى الاحتضان والوصول للسوق عبر تقديم دعم فني وترويجي.

بطبيعة الحال، تسببت أزمة كوفيد- 19 في خسائر للعديد من رواد الأعمال وأصحاب المشروعات بسبب ضعف القوة الشرائية الناتج عن فرض إجراءات وقائية واحترازية صارمة لمواجهة انتشار الوباء، وأيضًا بسبب اعتماد الكثير من المشروعات على الطرق التقليدية في بيع منتجاتها أو تقديم خدماتها. ولكن الصفار يرى أن قطاع ريادة الأعمال قادٌر على عبور أزمة كوفيد- 19 إلى جانب توفيره لحلول مبتكرة تسهِم في تجاوز التحديات الناتجة عنها، مرجحًا أن تشهد المرحلة المقبلة إقبالًا أكبر من الشباب على خوض تجربة ريادة الأعمال مع احتمالية بطء عملية التوظيف في معظم الشركات.

 

ويرى الصفار أن استجابة الدولة السريعة للأزمة كان لها أبلغ الأثر في دعم المستثمرين ورواد الأعمال وتعزيز ثقتهم في الاقتصاد المحلي، لأنها أكدت بذلك للجميع وضوح رؤيتها المستقبلية وتوجهاتها الاستراتيجية فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، ويضيف: ”عملت دولة قطر منذ بداية الأزمة على الحد من تداعياتها على الاقتصاد المحلي.

فبناءً على توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، خلال ترأسه لاجتماع اللجنة العليا لإدارة الأزمات في شهر مارس الماضي، تم اتخاذ مجموعة من القرارات التي تهدف لدعم القطاع الخاص. وكان من أبرز القرارات التي تم اتخاذها توجيه مصرف قطر المركزي لوضع آلية لتشجيع البنوك على تأجيل أقساط القروض والتزامات القطاع الخاص، مع منح فترة سماح لمدة ستة أشهر، بالإضافة إلى توجيه بنك قطر للتنمية لتأجيل الأقساط لجميع المقترضين لمدة ستة أشهر“.

 

ويوجه الصفار النصيحة التالية لرواد الأعمال الذين تضررت مشاريعهم بسبب أزمة كوفيد- 19: ”لا تنتظر حتى تنتهي الأزمة، فلا أحد يعلم متى سينجلي الوباء. اعمل من الآن على تقييم أداء مشروعك وإعادة صياغة أهدافه من أجل العودة به مجددًا إلى مسار النمو، أو على الأقل عبور الأزمة بدون خسائر فادحة. وكن واقعيًا! ضع في حسبانك أن مشروعك قد لا يحقق نفس النتائج التي كنت تأملها منه قبل أزمة كوفيد- 19، خاصة فيما يتعلق بالإيرادات. ولكن هذا لا يعني الاستسلام، استمر في بذل قصارى جهدك وطور توقعات وافتراضات جديدة. احرص أيضًا على التواصل مع عملاء المشروع قدر الإمكان“.

ويبقى الدرس الأهم الذي تعلمه رواد الأعمال خلال أزمة كوفيد- 19 هو ضرورة الاهتمام بالجانب الرقمي من المشروع، مهما كان نوع المنتج أو الخدمة التي يقدمها، حيث يوضح الصفار: ”لقد أصبح التحول الرقمي ضروريًا، وعلى أصحاب المشروعات بمختلف أنشطتها العمل على تطبيقه. والتحول الرقمي لا يقتصر على الاستفادة من التكنولوجيا في تقديم خدماتك أو بيع منتجاتك عبر الإنترنت. عليك الاستفادة بقدر الإمكان من التكنولوجيا في تطوير أي جوانب أخرى من مشروعك، مثل زيادة الإنتاجية أو رفع مستوى أداء الموظفين أو تخفيض التكاليف أو تقديم تجربة أفضل للزبائن، فمن شأن كل ذلك أن يعود بالفائدة على مشروعك ويجعله أكثر استعدادًا لمواجهة أي تحديات مستقبلية.“

 

7 نصائح لمن يرغب في أن يكون رائد أعمال ناجح

يرى الصفار أن من يرغب في اقتحام مجال ريادة الأعمال يجب أن يمتلك الطموح الكافي والثقة العالية بالنفس، إلى جانب رؤية واضحة لما يريد تحقيقه. كما أن عليه أن يمتلك بعض مهارات التفاوض والإقناع، حتى يتمكن من تخطي المواقف الصعبة التي قد تواجهه. ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك، إليكم مجموعة من النصائح الثمينة التي يوجهها لكل من يأمل تحقيق النجاح في مجال ريادة الأعمال:

 

ابذل جهدًا مضاعفًا

 عليك أن تعي جيدًا أن بدء مشروعٍ جديد سيحتاج لبذل الكثير من الجهد، فقد تتحمل عناء العمل لساعات متأخرة خاصة خلال المراحل الأولى للتأسيس. وحتى بعد إطلاق المشروع، قد يكون عليك الاستمرار في بذل جهود مضاعفة من أجل الوصول إلى مستوى المنافسة المطلوب مع المشروعات الأخرى في السوق.

 

استعد لكل الاحتمالات

ينبغي أن تكون مستعدًا للتعامل مع كافة الظروف المحتملة، سواء الجيدة أو السيئة منها، وأن تعلم أن الأفكار المبتكرة قد لا تكون دائمًا ناجحة. اختيارك ريادة الأعمال لتكون مهنتك المستقبلية يعني أنك أصبحت تتمتع باستقلالية، وأن عليك تحمل مسؤوليات إدارة المشروع وفريق العمل مهما كانت النتائج، فكُن على قدر المسؤولية.

 

كن مرنًا

من أبرز الأخطاء التي يقع فيها رواد الأعمال الجدد تقييد أنفسهم بفكرة المشروع الأساسية والخوف من إجراء تغييرات عليها. عليك أن تكون مرنًا في التعامل مع فكرة المشروع وأهدافه وغاياته، وأن تعمل على تطوير توقعات وافتراضات جديدة تجاري السوق ومتطلبات المنافسة. أعد كتابة وتقييم توقعات المشروع بشكل أسبوعي أو شهري أو ربع سنوي. وليبق ذهنك متيقظًا، فلا تتجاهل الأفكار الأخرى التي من شأنها أن تطور من مشروعك، حتى إن تتطلب الأمر اتخاذ منحى مختلف بعيد عن الفكرة الأصلية.

 

ابتكر

التحدي الأكثر شيوعًا الذي قد يواجه الكثير من رواد الأعمال هو التوصل إلى أفكار جديدة تقدم حلولًا مبتكرة لتحديات قائمة وتلقى في الوقت نفسه موافقة واستحسان المستثمرين، فالأفكار المقترحة غالبًا ما تكون متكررة نظرًا لأن السوق العالمي أصبح أكثر اتصالًا وتوسعًا من أي وقت مضى. لذلك عليك أن تبذل قصارى جهدك لتطوير أفكار إبداعية وجديدة من وقت لآخر حتى تضمن النجاح والاستمرارية في عالم ريادة الأعمال.

 

اعمل مع شركاء

عليك استغلال كافة الخيارات المتاحة أمامك للتخفيف من الأعباء المصاحبة لإدارة مشروعك، حتى وإن لم تكن خططت لذلك قبل بدء المشروع. ابحث مثلًا عن شركاء تتعاون معهم في تنفيذ فكرة مشروعك، فهناك دومًا مبتدئين يرغبون في خوض هذا المجال. فكر أيضًا في الاستعانة بموظفين مستقلين.

 

لا تقلق بشأن نقص خبرتك

لا تعتبر قلة خبرتك نقطة ضعف، بل اعتبرها ميزة يفتقدها منافسوك، فهي تمنحك مرونة أكثر في التعلم واكتساب المعرفة. لقد استخدم العديد من رواد الأعمال هذا لمصلحتهم قبلك، وبدأوا أنشطة تجارية ناجحة معتمدين على المعرفة التي اكتسبوها من خلال التجربة والتعثر، ومن ثم التجربة والتعثر مرة أخرى، إلى أن توصلوا إلى الصيغة المقبولة من النجاح وتحقيق الاستمرارية واستدامة المشروع.

 

تعلم من الآخرين

بدء مشروع تجاري قد يكون أمرًا شاقًا، ولكن لا تجعل ذلك يثبط من عزيمتك حتى إذا كانت مستويات المنافسة المرتفعة واحتمالات عدم النجاح كبيرة، فمهما كانت طبيعة مشروعك يمكنك أن تتعلم الكثير من الدروس عبر تجارب أصحاب الأعمال الذين حققوا النجاح من قبل في نفس مجالك أو في مجالات مشابهة. استفد من خبراتهم وتجنب أخطاءهم بينما تشرع في رحلة تنفيذ المشروع الخاص بك.