الحد من الإجهاد في مكان العمل

الحد من الإجهاد في مكان العمل: استراتيجيات فعالة لضمان الصحة النفسية والنجاح المهني

الإجهاد، ويعرف أيضًا بالتوتر المفرط، هو تجربة شائعة في بيئة العمل المعاصرة سريعة الإيقاع. ويمكن أن ينتج الإجهاد عن مجموعة من العوامل نذكر منها أعباء وضغط العمل، ومواعيد التسليم الحرجة، والصراعات الشخصية في بيئة العمل، وتحديات الحياة الشخصية عامةً. ورغم أن الإجهاد جزء طبيعي في حياة أي منّا، إلا أن الإجهاد المفرط يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق والاكتئاب ومشاكل صحية جسدية ونفسية أخرى. فمن أجل تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة، من المهم تعلم تقنيات ناجعة للتحكم في الإجهاد. وسنناقش في هذا المقال بعض أهم هذه الأدوات العملية للحد من الإجهاد في الحياة الشخصية والمهنية.

لماذا يعد الحد من الإجهاد ضرورةً لضمان النجاح المهني؟

يمكن لمستويات التوتر العالية أن تأثر سلبًا على الأداء الوظيفي، فقد يؤدي الإجهاد المستمر إلى الإرهاق الجسدي والنفسي، وإلى انخفاض الرضا الوظيفي، وزيادة التغيب عن العمل. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي الإجهاد المطول إلى اعتلالات مزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري من النمط الثاني والقلق والاكتئاب. ويمكنك تخيل العواقب الوخيمة والدائمة لهذه الاضطرابات على آفاق مستقبلك المهني. فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص يعاني من الإرهاق وقرر ترك وظيفته مؤقتًا لأخذ استراحة مطولة، قد يستغرق وقتًا طويلًا ليلتحق بعمله مجددًا ويعود إلى المسار الصحيح. ويمكن لهذا الانقطاع أن يؤخر تقدمه المهني ويفقده العديد من الفرص المهمة والترقيات. من نافلة القول إذًا أن اتباع تقنيات الحد من الإجهاد مهم للحفاظ على الصحة النفسية والبدنية، ولضمان النجاح المهني على المدى الطويل.

1-     احرص على صفاء ذهنك: إن العمل على تصفية ذهنك يقتضي التركيز على التواجد في اللحظة الحالية، أي تركيز انتباهك على أفكارك ومشاعرك الآنية وعلى ما يجول في خاطرك خلال اليوم. حيث تظهر الأبحاث أن تقنيات الحد من الإجهاد القائمة على اليقظة يمكن أن تقلل من التوتر والقلق والاكتئاب. ويمكن أن يساعدك صفاء الذهن على زيادة تركيزك في العمل وتقليل مستويات الإجهاد وتحسين جودة حياتك بصورة عامة. ولتصفية ذهنك يمكنك البدء عن طريق أخذ أنفاس عميقة وبطيئة عندما تشعر بالتوتر، أو بالتأمل وأداء العبادات والفرائض اليومية، أو الانخراط في أي نشاط يساعد على الاسترخاء مثل الرياضة واليوجا وغيرها.

2-     خذ استراحات متقطعة: أخذ فترات راحة منتظمة طوال اليوم مهم جدًا لتقليل مستويات التوتر والإجهاد. حيث أظهرت الدراسات أن أخذ الاستراحات يساعد في تقليل التعب وزيادة الإنتاجية وتحسين الرضا الوظيفي. كما يمكنك ممارسة المشي لمسافات قصيرة أو القيام ببعض تمارين التمطيط أو الانخراط في أي نشاط آخر يساعد على الاسترخاء لإعادة شحن طاقتك والحد من الإجهاد.

3-     أدر وقتك جيدًا: إن إدارة الوقت هي المفتاح الأساسي لتقليل مستويات التوتر. رتب مهامك وفق أولوياتها وحدد مواعيد تسليم واقعية تتسق مع أولويات مهامك وأحجامها. يمكنك أيضًا تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر تسهل إدارتها، ما سيساعدك على التحكم في عبء العمل وتقليل مستويات توترك بشكل عام.

4-     ابن علاقات إيجابية مع محيطك: تقلل العلاقات الجيدة مع الآخرين من مستويات التوتر في حياتك اليومية، ولا سيما إن كانت علاقتك جيدة بزملائك في العمل أو مديرك. كما أن منظومات الدعم النفسي، والتي سنتحدث عنها بتفصيل في مقالٍ لاحق، تعد أداةً اجتماعية مهمة في تقليل التوتر وتحسين التواصل مع الآخرين وبناء حس مجتمعي في مكان العمل. لا تتردد في التواصل مع زملائك وطلب مساعدتهم عندما تحتاجها، ثم أظهر تقديرك لهذه المساعدة ورد الجميل.

5-     ضع توقعات واقعية: فلتكن توقعاتك حول ما تستطيع أن تنجز في عملك ضمن الوقت المعطى إليك منطقية وتتناسب مع عملك وعمل الآخرين. سيساعدك هذا في تقليل مستويات التوتر، وسيجنبك وضع أهداف غير عقلانية ولا تستطيع تحقيقها ما يؤدي عادةً إلى الإحباط. كن لطيفًا مع نفسك وذكر نفسك بإنجازاتك وبما حققته من قبل لتهون أي إحساس خاطئ لديك بالتقصير على مدى عملك.

6-     اعتن بصحتك الجسدية والنفسية: تناول غذاءً صحيًا، ومارس الرياضة بانتظام. ولا تنس الحصول على قسط كافٍ من النوم. يجب أيضًا ألا تهمل ممارسة الأنشطة الترفيهية المثمرة التي تستمتع بها، واقضِ وقتك مع الأصدقاء والعائلة. لا تتردد أيضًا في طلب المساعدة الاحترافية من أخصائييّ الصحة النفسية إذا كنت تعاني من التوتر أو القلق المزمنين.

وفي الختام، يعد الحد من الإجهاد في مكان العمل أمرًا ضروريًا للحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة. ويمكنك باتباع هذه الاستراتيجيات والاعتناء بصحتك الجسدية والنفسية، إدارة مستويات التوتر بفعالية ونجاعة لتحقق النجاح في حياتك الشخصية والمهنية. تذكر دومًا أن الإجهاد جزء طبيعي من الحياة، ولكن اتباع الطرق الصحيحة في الحد منه يخفف من آثاره ويسمح لك بعيش حياة أكثر توازناً واعتدالًا!