المحامي: حمد اليافعي

المحامي

هل يمكن أن نعيش في أي مجتمع بدون قوانين؟ بالطبع لا يمكن ذلك. فاحترام وتطبيق القانون هو الضامن الأساسي لحقوق وحريات الأفراد والمؤسسات. القوانين تحمي أفراد المجتمع وتنظم علاقاتهم فيما بينهم، وأيضًا علاقاتهم مع المؤسسات والسلطة.

إذا فكرت بعمق ستجد أن كل جانب من حياتنا ينظمه فرع من فروع القانون، فعلى سبيل المثال هناك قوانين تنظم عملك ومعاملاتك التجارية وحقوقك المدنية. كما أن القانون يشكل العقود والالتزامات والحدود التي يتوجب عليك الوفاء بها واحترامها.

تندرج جميع هذه القوانين بشكل أو بآخر تحت فرعين رئيسيين، هما القانون العام والقانون الخاص. ينظم الأول العلاقات بين أفراد أو جهات يمتلك أحدهما سلطة سيادية على الآخر كالدولة والمواطن، ومثال على ذلك القانون الإداري والقانون الدستوري. أما الفرع الرئيسي الثاني، وهو القانون الخاص، فينظم العلاقات بين أفراد أو جهات لا تمتلك سلطة سيادية على الآخر، ومثال على ذلك القانون المدني والقانون التجاري. ونظرًا لهذه الأهمية البالغة، ليس من الغريب أن تتيح لك دراسة القانون خيارات وظيفية متنوعة في المؤسسات الحكومية والخاصة، فقد تجد فرصًا للعمل في أقسام الشؤون القانونية في شركات القطاع العام أو الخاص، سواء كخبير أو مستشار أو باحث في مجال القانون. وقد تختار العمل الحكومي وتسهم بنفسك في تطوير التشريعات التي تبنى عليها القوانين، أو ربما تختار خوض مسيرة مهنية في النيابة العامة أو القضاء. ولكننا سنركز في هذا العدد على مسار مختلف وهي مهنة المحامي نظرًا لأهميتها في المجتمع.

تتلخص المهمة الأساسية للمحامي في مساعدة موكله، سواء كان فردًا أو شركة، في الحصول على حقوقه التي يكفلها القانون، وأيضًا مساعدته في الالتزام بالقوانين. وقد يقوم المحامي بذلك من خلال المرافعات في المحاكم، أو تقديم الاستشارات القانونية، أو صياغة العقود، أو الوساطة، أو تمثيل الأشخاص أمام الجهات الحكومية والخاصة، وغيرها من المهام التي تتحدد بحسب نوع القضية والمحكمة وطلبات الموكلين. ويجعل هذا التنوع من المحاماة مهنة إبداعية تعتمد على الفكر ومهارات مثل التواصل الفاعل والتحليل النقدي. كما أنها تحتاج إلى شغف مستمر، فما يتعلمه المحامي خلال الدراسة الجامعية لا يكفي، حيث سيحتاج للقراءة والبحث باستمرار في القوانين وتحديثاتها والأحكام السابقة ودراسة القضايا المماثلة للوصول إلى أي معلومة قد تفيد موكله. ورغم ما يميز مهنة المحامي من إمكانية التمتع باستقلالية في ممارستها إذا قررت أن تفتح مكتبك الخاص، فإنها تبقى من المهن الصعبة، فهي تحتاج منك أن تكون ذا شخصية قوية لكي تتعامل مع ما يصاحبها من ضغوط، لأن المسؤولية ثقيلة ونتيجة مجهودك قد يتوقف عليها مصير أشخاص وشركات. ستحتاج أيضًا أن تكون إنسانًا منظمًا قادرًا على إدارة وقتك، ونشيطًا ومثابرًا.

لكي تصبح محاميًا، تحتاج للالتحاق بأحد كليات القانون أو الحقوق والدراسة لمدة أربع سنوات تحصل بعدها على البكالوريوس في القانون والذي يعرف أيضًا بليسانس الحقوق في بعض الدول. ولكل دولة أنظمتها التي تحدد شروط مزاولة مهنة المحاماة. في دولة قطر، تتولى إدارة شؤون المحامين في وزارة العدل مسؤولية تنظيم عمل المحامين. كما يحتاج المحامي للتسجيل في البداية كمحامي متدرب، والتدرب لمدة عامين في أحد مكاتب المحاماة، إلى جانب خوض دورة المحامين في وزارة العدل، ومن بعدها يتم قيده في جدول المحامين المشتغلين.

توفر كلية القانون في جامعة قطر دراسة برنامج البكالوريوس في القانون (LLB)، وهو معتمد من كل من المجلس الأعلى لتقييم البحوث والتعليم العالي في فرنسا والمجلس البريطاني لاعتماد التعليم المستمر والتعليم العالي المستقل. كما تتيح برنامجين لدراسة الماجستير، أحدهما في القانون العام والآخر في القانون الخاص، بالإضافة إلى إمكانية تحضير شهادة الدكتوراه.

حمد اليافعي

مؤسس وشريك إداري

حمد اليافعي للمحاماة

تخرجت في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 2007 بدرجة البكالوريوس في القانون (LLB)، ولكني لم اتخذ قرار العمل في المحاماة إلا بعد ست سنوات. كانت البداية من خلال العمل كمحامي متدرب في مكتب الأستاذ سلطان العبد لله الذي أكن له كل الاحترام والتقدير، فقد تعلمت منه الكثير وكان له الكثير من الفضل في تطوير مسيرتي المهنية ومساعدتي في اتخاذ خطواتي الأولى للعمل في المحاماة. بعد فترة التدريب التي امتدت لعامين من ضمنهما ستة أشهر خضت خلالهم دورة التدريب الإلزامية للمحامين في وزارة العدل، تم قيدي كمحامي مشتغل على الدرجة الابتدائية، وقررت أن أفتتح مكتبي الخاص.

كنت متخوفًا إلى حد ما من هذا القرار، وبعد عام زادت مخاوفي مع تأثر سوق العمل وحدوث ركود بسبب بداية الحصار، ولكن بحمد لله سارت الأمور بشكل جيد وبدأت في تكوين فريق عمل لمواكبة الطلب المتزايد على خدمات المكتب. الآن وبعد مرور خمس سنوات توسعنا بشكل كبير وأصبح المكتب يضم فريق عمل متكامل قادر على التعامل مع كافة القضايا.

أصبحت الآن مقيدًا ضمن المحامين المشتغلين في محكمة الاستئناف، كما أدرس حاليًا في جامعة قطر للحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص.

اتخذت قرار دراسة القانون وتغيير مساري المهني في سن أكبر من المعتاد، وقد كنت حينها بالفعل على رأس عملي في المؤسسة العسكرية، كما عملت لفترة في التجارة، ولكنني كنت دائمًا أشعر بالشغف نحو القانون لكونه جزءًا مهمًا في جميع شؤون الحياة. وبعد التخرج كانت أمامي فرصة للعمل في وظيفة، ولكنني لم أشعر أبدًا بالراحة في العمل كموظف وكنت لا أحب الروتين. كانت هناك بعض الضغوط من الأهل والمقربين لعدم المخاطرة وترك الوظيفة، ولكنني اتخذت القرار. كانت تلك الضغوط دافعًا كبيرًا لي من أجل النجاح. لم أفكر في أن أصبح قاضيًا أو وكيل نيابة، فالمحاماة كانت بالنسبة لي شغف وحب، وأردت أن أحقق النجاح فيها.

إذا قررت أن تعمل كمحامي مستقل، ربما يكون من الأفضل أن تعمل قبلها في وظيفة قانونية لعدة سنوات لاكتساب الخبرة وتوفير بعض المال الذي سيساعدك في بداية مشوارك في المحاماة. كن صبورًا ولا تفكر في المال منذ البداية، ركز على بناء سمعتك واكتساب الخبرة، اصبر واجتهد، ومن بعدها سيتحقق النجاح المادي.

من الأمور التي ساعدتني كثيرًا في النجاح بهذا المجال حرصي على تطوير مهارات التواصل من خلال خوض دورات تدريب في معهد الجزيرة للإعلام، حيث صقلت مهارات مثل الإلقاء وتركيز الصوت والتحدث أمام الجمهور. القضاء له هيبة وتحتاج إلى الكثير من الثقة للحديث خلال المرافعات وتوضيح أفكارك ووجهة نظرك.

المحامون الشباب عليهم أيضًا الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في تعريف المجتمع بإمكانياتهم المهنية وبناء سمعتهم. الاهتمام بتسويق نفسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي اختصر لي الكثير من السنوات وأسهم في تطوير مسيرتي المهنية، حيث ركزت من خلالها على تقديم النصائح والاستشارات لخدمة المجتمع في دولة قطر، ما كان له دور مهم في تعزيز سمعتي وتعريف الناس بي.

أنصح أي طالب يرغب في العمل بمجال المحاماة مستقبلًا أن يحرص على اكتساب المعرفة في مختلف المجالات. لكي تنجح في هذا المجال ينبغي عليك أن تكون شخصًا يحب القراءة والبحث عن المعلومات وأن تكون قادرًا على إطلاق العنان لتفكيرك والإنصات للآخرين.

عليك أن تعلم أيضًا أن النجاح كمحامٍ لا يتحقق بامتلاكك لمكتب. لكي تنجح ستحتاج للعمل لساعات طويلة في أوقات غير معتادة، والتواجد بشكل مستمر في أماكن مثل المحاكم ومكاتب النيابة. ستحتاج لأن تعرف كل ما يخص قضايا الموكلين وأن تتابع جهود فريق عملك. المحاماة مهنة ليست سهلة وتحتاج بذل الجهد ومنحها الاهتمام والتركيز، لكن الشعور الذي سينتابك عندما تساعد موكلك في الحصول على حقوقه يستحق ذلك. إنه شعور رائع لا يمكن وصفه.