اليوم العالمي للمرأة: لنكسر التحيز

Paige_Mc Donough

بقلم بيدج ماكدونو، مسؤول التطوير المهني في مركز قطر للتطوير المهني

لا تعتبر قيادة ناقلات الشحن عبر الموانئ العالمية الرئيسية من الأدوار المتعارف عليها بين النساء، حيث أن أقل من 8% من إجمالي عدد البحارة التجاريين في العالم من الإناث، وفقًا لغرفة الشحن الدولية. لكن الإبحار في ناقلة شحن بحمولة 188 ألف طن عبر ممرات ضيقة مثل قناة السويس هو ما قامت به صديقتي كارين ديفيس طيلة 16 عامًا. وبعد تجربتها، واصلت تولي المناصب القيادية في قطاع الشحن العالمي، لتبلغ الذروة بتعيينها، مؤخرًا، كأول مديرة إدارية على الإطلاق لمؤسسة شحن عالمية.
مسار كارين المهني الرائد في مجال يهيمن عليه الذكور يجسد بشكل مثالي موضوع اليوم العالمي للمرأة لهذا العام: ”كسر التحيز“. والواقع أن دافعها للعمل والتفوق في دور غير تقليدي كان رغبتها بتحدي الوضع الراهن للوظائف ”الموجهة نحو النوع الاجتماعي“، وهو ما استتبعته بخطوة إضافية تمثلت بإنشائها منظمة خيرية تدعم النساء في الأدوار غير التقليدية.

الأدوار غير التقليدية
على الرغم من هذه الجهود، فإن النساء مثل كارين يمثلن أقلية اليوم في القوى العاملة بالمهن ”غير التقليدية“- وهو مصطلح حددته وزارة العمل الأمريكية على أنه مجال يعمل فيه أقل من 25٪ من النساء. إذ لا تزال مجالات مثل التعدين والتكنولوجيا والرياضيات تشهد نقصًا في تمثيل النساء العاملات في تلك المجالات، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وعلى الرغم من أن النساء بتن أكثر انخراطًا في القوى العاملة على مدى العقود العديدة الماضية، إلا أننا لم نحقق بعد المساواة بين الجنسين في جميع القطاعات.

التحديات
يوضح شعار اليوم العالمي للمرأة لهذا العام، وهو ”كسر التحيز“، الحقيقة المؤسفة التي لا تزال موجودة، أنه بدون اتخاذ إجراءات جدية، فإننا نخلق المزيد من الحواجز التي يتعين على النساء التغلب عليها. قد تكون بعض التحيزات خفية أو حتى غير واعية، مما يعني أن التفضيلات متأصلة بعمق بحيث يصعب إدراك وجودها. ويمكن قياس هذا التحيز اللاواعي من خلال تقييمات التحيز الضمني عبر الإنترنت التي تقدمها منظمات مثل ”بروجيكت إمبليسيت“، وهي منظمة غير ربحية أسستها مجموعة من العلماء بهدف تثقيف الجمهور حول التحيزات. إذ تشير المنظمة إلى وجود ارتباط متكرر بين الذكور والمهنة، وليس الإناث، مما يؤدي إلى استمرار وجود حاجز حقيقي للغاية، وإن كان غير مرئي، أمام النساء اللائي يسعين إلى مهن غير تقليدية.
إضافة إلى ذلك، تظهر الأبحاث أن الافتقار إلى النماذج النسائية في الأدوار غير التقليدية يساهم بشكل كبير في انخفاض أعداد النساء العاملات في تلك المجالات. فلنأخذ الأدوار القيادية على سبيل المثال. فمع تمثيل أقل من 10٪ من الإناث بين جميع الرؤساء التنفيذيين في ”فورتشن 500“، يعتبر هذا مؤشرًا قويًا على أنه لا يزال يتعين القيام بالمزيد لدعم وتعزيز النساء لتحقيق أكبر إمكاناتهن. وتنشط النماذج التي يحتذى بها، مثل كارين، في الدفاع عن الشابات اللواتي يسعين إلى اتباع مسار مماثل، ويساعدن ببطء في إزالة التحيز اللاواعي الذي يعيق تقدم المرأة.

ما الذي يتم إنجازه
لقد حازت النساء على نسب مشاركة أكبر في الأدوار غير التقليدية خلال السنوات الأخيرة بالرغم من كل ذلك، حيث ارتفع تمثيلهن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والهندسة المعمارية، وفقًا لموقع ”لينكد إن“. بالإضافة إلى ذلك، تعهدت العديد من المنظمات بدعم المساواة بين الجنسين من خلال إنشاء وتقديم تقارير عن عدد النساء المعينين. وعلى الرغم من أن هذا التقدم مشجع، إلا أنه لا يزال هناك عمل كبير يجب القيام به لكسر التحيز الذي يديم مفهوم ”السقف الزجاجي“ للمرأة، وهو ذلك الحاجز الذي يعيق التقدم المهني للمرأة.

المضي قدمًا
لتوفير المزيد من الدعم للمرأة في الأدوار غير التقليدية، يجب علينا أولاً تغيير طريقة تفكيرنا، وإدراك التحيزات اللاواعية المحتملة لدينا، والسعي نحو التغلب عليها. كما يجب أن نستمر في مناصرة المرأة في أداء الأدوار غير التقليدية، ورفع الوعي بما يمكن أن تفعله نماذج يحتذى بها، مثل كارين، في النهوض بالتنمية البشرية. لذا، دعونا نوحد قوانا في الفترة التي تسبق يوم المرأة العالمي لهذا العام، ونعمل معًا لكسر التحيز. من خلال تركيز جهودنا، سندعم نجاح المهنيات الشابات لتعزيز مهمتنا في بناء قطر مزدهرة ونابضة بالحياة.