كيف يمكن للتناظر أن يطور مسيرتك المهنية؟

كيف يمكن للتناظر أن يطور مسيرتك المهنية؟

في المدرسة كما في الجامعة تتعدد الأنشطة التي يمكنك ممارستها إلى جانب دراستك، ما بين ثقافية ورياضية وعلمية ومجتمعية، وقد يعتبر البعض المشاركة في أيٍّ من تلك الأنشطة مضيعةً للوقت أو سبيلًا للترفيه، إلا أن كل نشاط تقوم به خلال هذه الفترة من حياتك يسهم بشكل أو بآخر في تشكيل شخصيتك وتنمية قدراتك وزيادة فرصك في المستقبل.

بالطبع فإن اختيار النشاط الذي ستمارسه يتوقف على ميولك واهتماماتك، لكننا ننصحك أن تستكشف أكبر عدد ممكن من الأنشطة المتاحة أمامك حتى تتسع مداركك وآفاقك بشكل أكبر، بشرط ألا يؤثر ذلك على مذاكرة دروسك التي ينبغي أن تمنحها دومًا الأولوية.

وإذا كنت تبحث عن نشاط ثقافي يسهِم بشكل فعال في إكسابك مهارات حياتية وعملية مهمة، فكر جدّيًا في التناظر.

والمناظرة هي مواجهة حوارية بين طرفين يتبنى كلٌّ منهما وجهة نظر مختلفة حول قضية معينة ويتم ذلك ضمن قواعد وقوانين تنظم الأدوار، وتكون مهمة الطرف أو الفريق المؤيد للقضية (الموالاة) تقديم الإثباتات والحجج التي تساند رأيه، أما الطرف الآخر وهو المعارض للقضية (المعارضة)، فيرفض طرح الموالاة ويسعى لتفنيد موقفهم وحججهم.

ويمارس كلٌّ منا المناظرات في حياته اليومية عندما يناقش رأي آخر لزميله أو أحد أفراد أسرته، لكن عندما يتعلق الأمر بالمناظرات التنافسية التي تقام ضمن الفعاليات الثقافية في المدارس أو الجامعات، فهناك لجنة تحكيم تشرف على تنظيمها وترجح كفة أحد الطرفين على الآخر.

وقد تتشابه أو تختلف التفاصيل التنظيمية والفنية باختلاف الجهة المنظمة، ولكن هناك عناصر مشتركة بينها جميعًا أهمها مثلًا أن المناظرات دائمًا ما تعالج قضايا مثيرة للجدل يختلف عليها الجمهور بين مؤيد ومعارض. على سبيل المثال: هل يجب منع الألعاب الإلكترونية العنيفة؟ أو هل يمكن للتعليم الإلكتروني أن يحقق نفس نتائج التعليم الصفي؟ وغيرها.

والاختلاف بين البشر أمر طبيعي يحدث منذ بدء الخليقة، فلا يمكن أن يتفق جميع الناس على نفس الآراء والميول وطرق التفكير. غير أنه في الوقت نفسه لا يعني أن هناك دائمًا طرفًا على صواب وآخر على خطأ، والغاية من مناقشة طرفي المناظرة لأي قضية هو إثبات صحة فكرة والوصول إلى حلول.

ولعل أهم ما تجنيه من خوض المناظرات هو تعلُمك احترام حق الآخرين في أن يخالفوك الرأي خلال أي نقاش، إلى جانب قدرتك على فهم الأسباب التي بُنيت عليها وجهات نظرهم، كما ستتعلم أنك إذا أردت أن تقنعهم برأيك فستسعى لذلك عبر توفير حجج وبراهين دامغة مبنية على أدلة منطقية، كل تلك الأمور من شأنها أن تكون ذات فائدة عظيمة خلال مسيرتك الأكاديمية والمهنية.

ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك، فكما ذكرنا من قبل، المناظرات بيئة مثالية لتطوير إمكاناتك واكتساب مهارات أخرى عديدة إليك أبرزها:

الثقة بالنفس

المشاركة في المناظرات تطور قدرتك على الخطابة وتمكنك من تطوير مهاراتك اللغوية والتعبير عن فكرتك بأسلوب سليم، وسيعزز هذا الأمر بالتالي ثقتك بنفسك ويجعلك أكثر اتزاًنا عند التحدث أمام الجمهور، أو حتى خلال تعاملك اليومي مع الناس.

التفكير النقدي

أثناء المناظرة يتوجب عليك تحليل الأمور بعقلانية وتفهم دوافع الآخرين وحججهم قبل تكوين أي حكم، وهو ما يعزز قدرتك على التفكير بشكل دقيق والرد بفاعلية.

البلاغة

خلال المناظرة ستكون مُطالبًا بالاجتهاد في تنظيم أفكارك والتعبير عنها بشكل واضح حرصًا على إيصال فحوى خطابك كاملًا إلى المتلقي، وسيطور هذا بالتالي من أسلوبك وقدرتك البلاغية.

تنمية القدرات البحثية

لتنجح في المناظرة عليك أن ترتكز على محتوى معرفي يعزز معلوماتك في موضوع المناظرة، ويساعدك على بناء حجج مقنعة وواقعية، وسيحتاج ذلك إلى ساعات من البحث والاطلاع، وهو ما من شأنه أن يعزز قدراتك البحثية.

التفاعل مع محيطك

المشاركة في المناظرات تجعلك أكثر إلمامًا وتفاعلًا مع القضايا العامة التي تهم المجتمع المحلي والدولي، مما يجعل منك عنصرًا فاعلًا ومؤثرًا في المجتمع.

تطوير المهارات الاجتماعية

 لا يمكن أن تنجح في التناظر دون التعاون مع زملائك في الفريق، وهو ما يتطلب القدرة على التواصل الفاعل وإدراك قيمة العمل الجماعي.

الإبداع

عند التناظر ستحتاج إلى الربط بين أفكارك والخروج بحجج مقنعة والتعبير عنها بوضوح خلال فترة زمنية محدودة، ومن شأن ذلك أن يحفِّز عقلك على الوصول إلى أقصى حدود الإبداع.

الآن وبعد أن تعرفت على فوائد التناظر، ربما ترغب في خوض التجربة بنفسك، تواصل مع منسق المناظرات في مدرستك أو نادي المناظرات في جامعتك لتبدأ رحلتك.