من أجل بناء أجيال قادرة على بناء مستقبل مزدهر

العقل السليم في الجسم السليم” … من أجل بناء أجيال قادرة على بناء مستقبل مزدهر

 
شاهين السليطي
كبير مسؤولي البرامج والخدمات المهنية

 

تحتفل دولة قطر كل عام باليوم الرياضي، الذي بات مناسبةً وطنيةً تحرص من خلالها المؤسسات والهيئات الحكومية والشركات الخاصة على تنظيم الفعاليات الرياضية الموجهة لكافة شرائح المجتمع من أجل حثهم على ممارسة النشاط البدني واتباع أسلوب حياة صحي.

ويعكس الاهتمام الذي يحظى به اليوم الرياضي التزام الدولة الكبير برفاهية مواطنيها، وخاصة الشباب الذين يمثلون قادة المستقبل، وهو التزام يدعمه ويؤمن به مركز قطر للتطوير المهني، عضو مؤسسة قطر، لكونه يكمن في صميم مهمة المركز المتمثلة في إعداد الشباب وتحضيرهم للاستجابة لتحديات سوق العمل الذي أصبح يتسم بتنافسية عالية وبيئات العمل المتغيرة التي تحركها التكنولوجيا.

مثل هذه البيئات تعرّض الموظفين للمخاطر الصحية والذهنية المرافقة للتعب والإرهاق، وهو ما قد يؤثر في النهاية على رفاهيتهم الشخصية وإنتاجية عملهم. وقد أظهرت الدراسات أن الرياضة والتمارين اليومية يمكنها أن تساعد على تحسين التركيز، ومكافحة التعب، وتخفيف الضغط المرتبط بجو العمل، مما يؤكد مرة جديدة صواب القول المأثور: “العقل السليم في الجسم السليم“. وقد ثبُت أن أخذ فترات راحة قصيرة منتظمة بعيدًا عن المكتب لممارسة نشاط بدني خفيف كالمشي يمكنها أن تنشط الحس التنظيمي لدى لموظفين وتحسن قدرتهم على التركيز في المهام التي يتولونها. والأمر نفسه ينطبق على الخريجين الجدد الذين قد يشعرون بالإرهاق أو الضغوط النفسية خلال السنوات الأولى من مسيرتهم المهنية في ظل التنافسية الشديدة في سوق العمل. 

لا شك أن هناك دور مهم ومؤثر للمؤسسات التعليمية في زيادة الوعي بخصوص أهمية ممارسة الرياضة، فعلى سبيل المثال، المدرسة لها دورٌ كبير في غرس حب ممارسة الرياضة في نفوس الطلاب منذ سن صغيرة وتوعيتهم بأهميتها وتأثيرها على حياتهم الشخصية والمهنية. ولتحقيق ذلك يجب زيادة الاهتمام بحصص التربية البدنية ودراسة نتائجها الفعلية ليس فقط فيما يتعلق بصحة الطلاب، بل أيضًا فيما يخص أدائهم التعليمي ومستواهم الدراسي.

 كما أن الشركات والمؤسسات بإمكانها أيضًا القيام بدور فاعل، فموظفيها هم أهم أصولها، ومن خلال تشجيعهم على ممارسة الرياضة واتباع أسلوب حياة صحي، لا بد وأنها ستحصد نتائج جيدة من خلال رفع مستوى نشاطهم البدني والذهني الذي سينعكس بالإيجاب على إنتاجيتهم وصحتهم النفسية. وبالإمكان تحقيق ذلك من خلال مبادرات متنوعة مثل تخصيص أوقات أسبوعية لممارسة أنشطة رياضية أو تنظيم فعاليات رياضية للموظفين وعائلاتهم أو عرض مكافآت أو حتى بمجرد التوعية المستمرة للموظفين بأهمية ممارسة النشاط البدني. 

وقد كان لنا في مركز قطر للتطوير المهني تجربةً مهمةً في هذا الإطار من خلال تبني مبادرة لتخصيص ساعة عمل أسبوعية نهاية كل يوم ثلاثاء لتشجيع موظفينا على ممارسة الرياضة واتباع أسلوب حياة صحي مفعم بالحيوية والنشاط والحركة. وقمنا من خلال المبادرة بحث كل موظفي المركز على ارتياد المرافق الرياضية وصالات اللياقة البدنية في مؤسسة قطر، بل إن المركز أبدى استعداده لتحمل نفقات أي صالة رياضية تختارها الموظفات إذا كانت هذه الصالات مناسبة أكثر لهن. وقد أثبتت تلك المبادرة فاعليتها إلى درجة كبيرة من خلال تحقيق زيادة ملحوظة في إنتاجية الموظفين وزيادة نسبة الرضا الوظيفي. 

ولا بد أن أشير إلى أننا نحرص من خلال برامجنا وخدماتنا في مركز قطر للتطوير المهني على توعية الشباب بأهمية العناية بصحتهم النفسية والبدنية من أجل بناء مسيرة مهنية ناجحة وتحقيق أهدافهم الحياتية في الوقت نفسه. كما نعد بأن نواصل جهودنا لتثقيف الشباب حول الفوائد العديدة لاتباع أسلوب حياة نشط إيمانًا منا بأهمية هذه الخطوة في بناء أجيال مهتمة بصحتها البدنية وقادرة على الإنتاج بشكل أفضل في شتى المجالات، لأن في النهاية لا بد وأن يسهم كل ذلك في دعم ركيزة التنمية البشرية في رؤية قطر الوطنية 2030. 

وفي الختام، نأمل أن يعتبر شبابنا اليوم الرياضي محطة سنوية مهمة في حياتهم يجددون من خلالها حبهم للرياضة ويراجعون ما حققوه من تقدم على مستوى الصحة البدنية، ونوجه لهم النصيحة التالية: “إذا لم تكونوا تمارسون الرياضة بالفعل، فعليكم أن تبدأوا في ذلك بأسرع وقت ممكن، والأمر أكثر سهولة مما قد تعتقدون، المهم أن تتخذوا الخطوة الأولى وأن تمتلكوا بعض العزيمة والإصرار للقيام بمجهود بدني بشكل منتظم، حتى لو كان مجرد المشي، ونعدكم أنكم مع حلول اليوم الرياضي في العام المقبل ستحصدون نتائجًا كان من الصعب عليكم تخيلها.