وسائل التواصل الاجتماعي: منصتك نحو النمو المهني

وسائل التواصل الاجتماعي: منصتك نحو النمو المهني

ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير مقاربتنا للتطوير المهني تغييرًا جذريا، لتفتح الباب على مصراعيه لدخول حقبة جديدة من الشبكات المهنية الافتراضية، والبصمة التسويقية الشخصية، وحتى البحث عن الشواغر وفرص العمل عبر الإنترنت.

فبعد أن أعادت وسائل التواصل الاجتماعي تشكيل فهمنا حول التفاعل الإنساني، والترفيه، والتواصل فيما بيننا، أصبحت منصات مثل لينكدإن، وتويتر، وإنستغرام أدوات رئيسية لمهن عديدة تتيح لمستخدميها فرصًا كان يصعب الحصول عليها سابقًا؛ فيتمتع المحترفون الآن بالقدرة على عرض مهاراتهم وخبراتهم وإنجازاتهم لجمهور أوسع من ذي قبل، وباتوا يشكلون شبكات مهنية من حول العالم تتواجد بالكامل في العالم الافتراضي.

وقد كان من المتعارف عليه ضرورة الحضور شخصيًا إلى فعاليات بناء العلاقات المهنية، وتوزيع السير الذاتية يدًا بيد على أصحاب العمل المحتملين؛ إلا أنه لا يستهان بتصميم ملف شخصي متكامل ونشره بضغطة زر على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتشكل وسائل التواصل الاجتماعي منجمًا خصبًا للمعلومات والموارد، من رصد التطورات في التخصصات المختلفة، إلى فرص العمل والإعلانات عن الوظائف، فهي تبقي مستخدميها على اطلاع على أحدث المستجدات في مجالاتهم مقارنة فيما يكاد يتلاشى الاعتماد على وسائل الإعلام التقليدية في هذا الصدد.

ولتحقيق أقصى استفادةٍ من إمكانات وسائل التواصل الاجتماعي، نقدم إليكم بعض النصائح الهامة لبناء بصمتك التسويقية واستثمارها في تطورك المهني:

  • حدد بصمتك التسويقية: حدد ما تريد أن تشتهر به، ونقاط القوة والمهارات والخبرات التي تمتلكها والتي تؤكد على بصمتك التسويقية لذاتك. خذ بعين الاعتبار هواياتك وقيمك الشخصية، والجمهور المستهدف من المتابعين برسائلك فهي عنصر أساسي في بناء بصمتك الشخصية وتحديد نظرتهم عنك، مع وضع أهداف مرنة قابلة للتعديل والتطوير بما يتكيف مع متطلبات سوق العمل.
  • ركز على المنصات المناسبة لبصمتك التسويقية: حدد وسائل التواصل الاجتماعي الملائمة لما تريد نشره، والتي تتوافق مع أهدافك، والتي يستخدمها جمهورك المستهدف. فهناك منصات شاع استخدامها لأغراض بناء البصمة التسويقية الشخصية كمنصة لينكدإن؛ لكن يفضل مصممو الجرافيك ومنتجو المواد المصورة منصات تخدم غاياتهم الترويجية كإنستغرام أو المدونات الخاصة.
  • حضر رسائلك مسبقًا: اختر رسالة واضحة ومقنعة تعكس بصمتك التسويقية الشخصية، فالرسائل هنا لا تعني بالضرورة المنشورات المكتوبة، بل ما ترى أن نشره على وسائل التواصل الاجتماعي يسهم في عرض القيمة التي ستضفيها إلى سوق العمل، مثل مهاراتك المميزة وطموحك المهني، وما يميزك عن الآخرين في مجالك عمومًا.
  • حافظ على اتساق بصمتك الشخصية: لتكن بصمتك الشخصية متسقة على كافة المنصات التي تستخدمها، وذلك في الهوية المرئية التي تتبناها كصورة حسابك الشخصي والألوان التي تزين بها حسابك، وكذلك تصميم ومحتوى سيرتك الذاتية. وتكمن أهمية هذه النقطة في أن الاتساق المرئي والمقروء في المحتوى الذي تقدمه يجعل من السهل التعرف على بصمتك في أي محتوىً يقرأه جمهورك المستهدف.
  • انشر محتوىً هادفًا باستمرار: طور وشارك محتوىً قيمًا يتصل بمجال خبرتك ومؤهلاتك. ويمكن أن يشمل ذلك المقالات، أو المدونات، أو مقاطع الفيديو، أو الرسومات البيانية، والمعلومات القيمة في مجال عملك؛ فعلى سبيل المثال الصحفيون النشطون على منصة تويتر يتوقع منهم تغطية الأحداث المتداولة والحالية.
  • التفاعل مع الجمهور: انخرط باستمرار وبنشاط مع جمهورك وشارك في النقاشات المتعلقة بمجال عملك وتخصصك. تابع المؤثرين وصناع القرار والمهنيين المحترفين القريبين من بصمتك أو هويتك التسويقية وتواصل معهم. واحرص على أن تكون مشاركاتك هادفةً وأفكارك تخدم النقاش، لا لغرض المشاركة وحسب.
  • ابق عينك على الفرص المتاحة: استفد من بصمتك التسويقية الشخصية للبحث عن فرص جديدة مثل المشاركة كمتحدث في الفعاليات المتعلقة بمجالك، أو المشاركة في بودكاست أو التعاون مع مؤثرين آخرين؛ بما يثبت تمكنك المعرفي من مجالك، والاستفادة من شبكة علاقاتك في إيجاد فرص تطور مهني لذاتك.

ورغم ما تقدم عن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في تطوير البصمة التسويقية الشخصية للأفراد في تطورهم المهني وإيجاد الفرص الأفضل لمستقبلهم، فإن استخدام هذه المنصات بات محوريًا أيضًا في الترويج للعلامات التجارية للشركات والمؤسسات المختلفة.

وأوجدت الشركات استجابةً لهذا التطور في مجال الترويج الرقمي عدة وظائف تُعنى بتمكين الشركات من بناء علامتها التجارية وإيصال صوتها ورسالتها للجماهير، وتحولت هذه الأعمال إلى مسارات مهنية متكاملة. وفيما يلي بعض الأمثلة على هذه المسارات المهنية:

  • أخصائي تطوير المحتوى: تدور مسؤولياته حول إنتاج محتوىً جذاب وعالي الجودة عبر الوسائط المختلفة المرئية والمسموعة والمكتوبة، كالمقالات والمنشورات، أو مقاطع الفيديو والبودكاست، أو الرسوم البيانية والتصاميم المرئية. ويجب أن يتحلى أخصائي تطوير المحتوى بمهارات السرد وكتابة الإعلانات أو العروض التقديمية المرئية لينقل رسائل العلامة التجارية إلى الجمهور بشكل سلس وفعال.
  • مدير وسائل التواصل الاجتماعي: يكون مسؤولًا عن إدارة وتنظيم ونشر المحتوى الذي ينتجه أخصائيو تطوير المحتوى عبر مختلف منصات وسائل التواصل الاجتماعي. وذلك وفق استراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي التي يرسمها أخصائيو استراتيجيات العلامة التجارية. كما يندرج ضمن مسؤولياته التفاعل المباشر مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومراقبة مقاييس الأداء وتقييمها وتحسين الأداء الكلي للعلامة التجارية على منصات التواصل الاجتماعي.
  • المؤثرون: وهم الأفراد الذين نجحوا في بناء علامة تجارية شخصية وبات لديهم جمهور عريض ومميز في اهتماماته. حيث يمكن للمؤثرين أن يكونوا أداة قيمةً لأي شركة، أو مؤسسة لإيصال صوتها، أو الترويج لحملاتها ،أو منتجاتها. وغالبًا ما يستخدم أخصائيو التسويق الرقمي المؤثرين كقناة رئيسية لنشر رسائلهم للجمهور المستهدف.
  • أخصائي التسويق الرقمي: وهو المسؤول عن وضع وتنفيذ استراتيجيات التسويق الرقمي للشركة، لتعزيز حضور علامتها التجارية عبر الإنترنت. ويستخدم أخصائي التسويق الرقمي قنوات تسويقية مختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، لزيادة الوعي العام بالعلامة التجارية وتشجيع تفاعل العملاء معها.
  • أخصائي استراتيجيات العلامة التجارية: يعمل بشكل وثيق مع العملاء والمستفيدين من خدمات الشركة لتطوير وتنفيذ استراتيجيات متكاملة للعلامة التجارية تشمل كل ما سبق ذكره من محتوىً وتواصل وتفاعل مع الجمهور وجهود تسويقية. وتكون مهمته الأساسية ضمان اتساق العلامة التجارية عبر كل قنوات الاتصال مع الجمهور المستهدف، وتكامل الجهود الترويجية والتسويقية. الجدير بالذكر أن هذا المسار المهني، كالمسارات المذكور أعلاه، كان موجودًا بالفعل، لكن نطاق مسؤولياته توسع، واختلفت طبيعة عمله بعد دخول وسائل التواصل الاجتماعي بقوة على خط الأدوات التي يمكن لأخصائي استراتيجيات العلامة التجارية استخدامها.

ونهايةً، فإن وسائل التواصل الاجتماعي أثبتت جدارتها بالاهتمام لأي شخص يبحث عن التطور مهنيًا في بيئة ديناميكية وتفاعلية، مما أحدث ثورة في الطريقة التي نتناول بها مفهوم النمو المهني في عالم اليوم الذي بات أكثر ترابطًا من أي وقت مضى. وبات لزامًا عليك كمهني يبحث عن التقدم في مجاله أن يكون لديك تواجدٌ بشكل ما عبر الإنترنت، ليعرف العالم من أنت، ولتتواصل مع من يشبهك ويبدع مثلك وتستلهم منه وتلهمه! ومن يعلم، قد تجد فرصتك المهنية التالية من خلال شخص تتابعه على منصة تواصل اجتماعي أو إعلانٍ منشور يشد انتباهك!