الاتصال المؤسسي: محمد راشد الخنجي

Aerial view of a business team

قد تمتلك أي مؤسسة رؤية واضحة لما تريد تحقيقه، وتكون لديها إدارة ذات خبرة وموظفون على أعلى مستوى من الكفاءة وتمويل جيد وخطة تشغيل محكمة، ولكن إذا لم يصاحب ذلك استراتيجية اتصال مؤسسي واضحة، لن يكون النجاح مضموًنا.

يمكننا تعريف الاتصال المؤسسي عمومًا بأنه الممارسات والسبل التي تتواصل من خلالها أي مؤسسة مع شركائها وفئاتها المستهدفة. وقد يكون هذا الاتصال داخليًا أو خارجيًا.

ويتمثل الاتصال الداخلي للمؤسسة في البروتوكول الذي ينظم عملية تبادل المعلومات بين الموظفين والإداريين والأقسام المختلفة في المؤسسة. ويوفر ذلك بيئة عمل صحية للموظفين ويسهل عملهم ويعزز التعاون فيما بينهم، كما أن هذا النوع من التواصل يعرّفهم برؤية المؤسسة وأهدافها، مما يجعلهم أكثر تفاعلًا ويمنحهم شعوًرا بأنهم بالفعل شركاء في أي نجاح تحققه المؤسسة.

أما الاتصال الخارجي فيكون مع أشخاص وكيانات خارج المؤسسة مثل الإعلام والجهات الحكومية والمستثمرين والعملاء والجمهور وغيرهم من الشركاء والأطراف.

تتبع المؤسسات استراتيجيات تواصل متعددة تختلف بحسب الجمهور الذي تستهدفه. فعلى سبيل المثال، هناك التواصل الكتابي، ككتابة التقارير الداخلية والخارجية للمؤسسة وتقديمها للمعنيين؛ والتواصل اللفظي، مثل عقد الاجتماعات وإجراء المقابلات؛ والتواصل غير اللفظي، مثل عرض الصور والرسومات التوضيحية والبيانية.

ويختلف الهيكل التنظيمي لقسم الاتصال من مؤسسة لأخرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بالاتصال الخارجي، والذي قد يشمل في بعض الأحيان أقسامًا وإدارات فرعية مثل العلاقات الإعلامية والاتصال التسويقي والعلاقات العامة. ولكن يبقى الغرض من الاتصال الخارجي بشكل عام واحد، وهو تبادل المعلومات من أجل بناء هوية المؤسسة وتعزيز سمعتها بين الجماهير المستهدفة وزيادة الوعي بعلامتها التجارية وتكوين صورة إيجابية عنها أمام الشركاء الخارجيين.

ولتوضيح الصورة أكثر، نأخذ على سبيل المثال العلاقات الإعلامية والتي تعنى بالتواصل مع وسائل الإعلام والعمل على ضمان نقلها رسالة المؤسسة بصورة إيجابية وبمصداقية. أما الاتصالات التسويقية، والتي غالبًا ما تكون من اختصاص قسم التسويق، فالهدف منها التأثير على العملاء الحاليين والمحتملين لزيادة الطلب على منتجات أو خدمات المؤسسة. في حين تركز العلاقات العامة بشكل أساسي على تعزيز الروابط بين المؤسسة والجمهور.

وهناك علاقة قوية بين الاتصال والإعلام، فالأخير نوع من أنواع الاتصال كذلك، ولكن مع مجموعة كبيرة من الجمهور، ولذلك يعرف في بعض الأوقات ب “الاتصال الجماهيري”.

إن صياغة الرسالة الصحيحة هي مفتاح تحقيق الاتصال لأهدافه وأثره المنشود. وتختلف رسائل الاتصال بحسب الجمهور المستهدف والغرض منها وكذلك وسيلة التواصل التي قد تكون بياًنا صحفيًا أو منشورًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو تقريرًا، أو عرضًا تقديميًا، أو مؤتمرًا، صحفيًا، أو اجتماعًا، أو رسالة قصيرة، أو مكالمة هاتفية.

وتتضمن مسؤوليات أخصائي الاتصال مهام مثل التواصل مع مختلف الشركاء من وسائل إعلام ومؤسسات حكومية وجهات تنظيمية، وإنتاج المحتوى مثل البيانات الصحفية والخطابات والعروض التقديمية ورسائل البريد الإلكتروني. أما على المستوى الإداري فقد يكون عليه وضع استراتيجية الاتصال وبروتوكولات الاتصال الداخلي، وتخطيط حملات الاتصال، ووضع خطة مسبقة للاتصال في حال حدوث أزمات، وتوزيع المهام على فريق العمل وتدريبه والإشراف عليه، وإعداد مختلف التقارير.

يبدو مستقبل العمل في مجال الاتصال مبشرًا إلى حد كبير، حيث أصبحت معظم المؤسسات والشركات أكثر تفهمًا لأهمية امتلاك استراتيجيات اتصال ذات كفاءة عالية. كما أن دراسة هذا المجال لا تمنحك فقط فرصة العمل في أقسام الاتصال المؤسسي، فهي تفتح لك أيضًا آفاق العمل في مجالات مثل العلاقات العامة، والتسويق، والصحافة، والإعلام. المهم هو أن تستكشف بنفسك كل مجال من خلال القراءة، والتحدث مع أصحاب الخبرة، والبحث عن فرص للتدريب، ثم تحدد بعد ذلك ما يناسب مهاراتك وإمكاناتك، وما تشعر بشغف نحوه.

يجب أن تعلم أن الاتصال مجال ممتع ومثير، ولكنه بالطبع لا يخلو من التحديات شأنه شأن أي مجال آخر. ويستقطب هذا المجال أصحاب المهارات الإبداعية خاصة مهارات الكتابة لأنها أساس أي رسالة أو محتوى سيتم صياغته، وكلما كنت أكثر تمكنًا من اللغة وامتلكت مهارات السرد، كانت فرص نجاحك فيه أفضل. ولكي تكون أكثر تميزًا يُفضل أن تكون لديك مهارات تواصل جيدة وقدرة على إدارة الوقت بكفاءة. وستحتاج أيضًا في أحيان كثيرة للعمل تحت الضغط لإنهاء مهام عملك وفق المواعيد النهائية.

يعد برنامج بكالوريوس الإعلام الذي تقدمه كلية الآداب والعلوم في جامعة قطر من البرامج المتميزة لدراسة علوم الاتصال الجماهيري.

محمد راشد الخنجي

مدير الإعلام المحلي والإقليمي

اللجنة العليا للمشاريع والإرث

كنت أرغب في العمل بالإعلام منذ أن كنت طالبًا في المدرسة، خاصة في مجال الرياضة، ولكن عند مرحلة الدراسة الجامعية اخترت دراسة إدارة الأعمال لأنها كانت من التخصصات المطلوبة في سوق العمل خال فترة التسعينيات. وعلى الرغم من ذلك لم أنس حلمي أبدًا، واشتركت مع مجموعة من أصدقائي في تأسيس منتدى العنابي، الذي أصبح من أبرز المواقع الرياضية في قطر. فقد كان للمنتديات شعبية كبيرة حينها وكانت في تلك الأوقات بمثابة وسائل التواصل الاجتماعي. في أحيان كثيرة، كنا ننفرد بأخبار حصرية قبل أن تنشر في الصحف.

بعد تخرجي من كلية التجارة في جامعة قطر بدرجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، عملت في بورصة قطر كوسيط، ولكنني كنت أنتظر أي فرصة لتغيير مساري المهني والالتحاق بمهنة متعلقة بالإعلام أو الاتصال أو التسويق، حتى لاحت لي الفرصة بعد عامين في شركة أملاك للتمويل. من هناك بدأت مسيرتي في مجال الاتصال، واكتسبت لاحقًا المزيد من الخبرات في العلاقات العامة والعلاقات الإعلامية والتسويق من خلال العمل في شركة بروة، ثم في مؤسسة دوري نجوم قطر التي قضيت فيها 11 عامًا، قبل أن أنتقل للعمل في مركز رعاية الأيتام “دريمة” كمدير لإدارة الخدمات الاجتماعية. وقد انتدبت خال الفترة الحالية لدعم فريق الاتصال في اللجنة العليا للمشاريع والإرث.

يبذل فريق العمل في قسم الاتصال جهودًا كبيرة من أجل إظهار الصورة الحقيقية لكأس العالم FIFA قطر 2022TM وتسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث منذ حصول دولة قطر على حقوق استضافة البطولة.

يرتكز عملي حول العلاقات الإعلامية، فهي تشكل جزءًا مهمًا للغاية من عمل قسم الاتصال، وبدونها لن يتمكن معظم الجمهور من الحصول على المعلومات المتعلقة بالبطولة. نجحنا في بناء علاقات وثيقة ومثمرة مع وسائل الإعلام المحلية والعربية، وساعدنا ذلك في إيصال رسالتنا إلى الملايين من محبي كرة القدم، سواء عبر الإعلام التقليدي أو من خال وسائل التواصل الاجتماعي.

كما شاركنا في العديد من المؤتمرات والفعاليات والملتقيات داخل دولة قطر وخارجها، والتقينا خلالها بشخصيات إعلامية رائعة، وحرصنا كذلك على زيارة دول عربية عديدة لنلتقي بممثلي وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ونقدم لهم صورة متكاملة عما يتم إنجازه من أجل استضافة هذا الحدث التاريخي وتأثيره الإيجابي على حياة الناس.

ما أحبه في مجال العلاقات الإعلامية هو أنه يتيح لنا باستمرار التعرف على أناس جديدة نستمع لاقتراحاتهم ونستفيد من خبراتهم.

تعلمت من خال رحلتي المهنية أن كل تجربة ستخوضها وكل عمل ستقوم به سيعود عليك بالفائدة عاجلًا أم آجلًا، ولكن المهم أن تكون منفتحًا على التعلم دومًا، وألا تخاف من التغيير ما دمت مؤمنًا أنه الأصلح لك وتمتلك الشغف الكافي نحو ما تصبو إليه.

أنصح الطاب بالتفكير جديًا في خوض مسيرة مهنية في مجال الاتصال، فهو مجال يزداد الاهتمام به عامًا تلو الآخر، وهو لا يقل أهمية عن التخصصات الفنية والإدارية الأخرى في أي مؤسسة. الاتصال جزء لا يتجزأ من نجاح أي مشروع، وبدونه لن يعرف أحد ما يتم إنجازه. إذا اخترت العمل في هذا المجال يجب أن تعلم أنك تحمل على عاتقك مسؤولية كبيرة تحتاج منك الالتزام والعمل الجاد.

من الصعب وصف مدى فخري واعتزازي بكوني عضوًا في الفريق المسؤول عن تنظيم كأس العالم. عندما تشاهد فريق العمل في اللجنة ستلحظ شغفًا لا مثيل له، فالجميع يحب عمله والعديد منا يعمل كل أيام الأسبوع بلا توقف. نشعر بسعادة غامرة عندما نرى مدى تفاعل إخواننا من جميع الدول العربية وسعادتهم باستضافة دولة قطر للبطولة. يضاعف ذلك من حماسنا ويجعلنا أكثر تصميمًا على تنظيم كأس عالم لا مثيل له، لكي نكون على الوعد.