نساء يقتحمن أجواء السماء

هل سبق والتقيتَ امرأةً تقود طائرة؟ حسنًا إنهن يمثلن خمسة في المائة فقط من إجمالي الطيارين في العالم، ونفخر اليوم بتقديم إحداهن، وهي القطرية، هدفة محمد المري.

بالرغم من أن أناالنساء اقتحمن مجال الطيران منذ أوائل القرن العشرين، إلا أن البعض مازال يندهش إذا ما رأى أو سمع عن امرأة تقود طائرة. تشهد الساحة العالمية زيادة مستمرة في عدد قائدات الطائرات التجارية، والأمر نفسه يحدث في منطقة الشرق الأوسط؛ فهناك العديد من الطيارات المعروفات، سواءً في مجال قيادة الطائرات النفاثة التجارية أو الطائرات المقاتلة، ومنهن هدفة المري، ابنة وطننا.

هدفة، التي تبلغ من العمر 27 عامًا، هي مساعد أول لقبطان طائرة بالخطوط الجوية القطرية. روت لنا قصتها التي تبعث على الأمل، وحدثتنا عن رحلة كفاحها وسعيها وراء حلمها أن تصبح قبطان طائرة، وكيف استطاعت أن تتغلب على العقبات والصعاب حتى تمكّنت من تحقيق حلم الطفولة.

كيف تشعرين إزاء كونك من أوائل القطريات اللاتي قدن طائرة؟

أشعر بالمسؤولية، إذ أصبحتُ قدوة ومثالًا يحتذي به للعديد من الفتيات القطريات، ما يدفعني للعمل بمنتهى الجدية لكي أحقق التميّز وأبقى عند حسن ظنهن. أشعر أيضًا بالامتنان لما أناله من تقدير وإعجاب، كما أنني فخورة بإسهاماتي في تحقيق إنجازات بلادي، استجابة لتطلعات سمو الأمير، حين قال إن دولة قطر تستحق الأفضل من أبنائها.

ما الذي أثار شغفك لتصبحي قبطان طائرة؟

لطالما كان ذاك حلمي. وعندما كبرتُ ازددتُ شغفًا لتحقيق حلمي بعدما ازداد حبي للسفر والتعرف على الحضارات والعادات والتقاليد المختلفة.

ماذا كان رد فعل أسرتك عندما تطرقتِ لأول مرة إلى موضوع أن تصبحي قبطان

طائرة؟

شجعتني أمي على دخول عالم الطيران، وهي أكبر مؤيديني، فهي تؤمن إيمانًا راسخًا بأن المثابرة، والجد، والاجتهاد، هي السبل الأساسية لتحقيق كل ما نطمح إليه. أمي هي الداعم الأول والأساسي في حياتي.

ما التحديات التي واجهتكِ في ذلك الحين؟

واجهتُ تحديات عديدة، لأن الطيران مهنة غير مألوفة بالنسبة لنساء الخليج، لا سيّما المرأة القطرية، كما أن هناك عادات وتقاليد يجب علي مراعاتها.

ما التحديات التي واجهتكِ في فترة التدريب كامراءة؟

أحمد الله أنني لم أواجه أية تحديات من حيث كوني امراءة؛ فلقد درستُ على يد أساتذة بريطانيين تعاملوا مع جميع المتدربين بمساواة، ولم تكن ثمة تفرقة بين الجنسين. كان التحدي متمثلًا فقط في قدرتي على التكيف مع القوانين، والاجتهاد في الدراسة، والتعامل مع الجميع بمهنية، وكذلك أخذ مهنتي بجدية تامة؛ فنحن مسؤولون عن حياة العديد من البشر.

ما رأيك في قائدات الطائرات الأخريات؟

أكن لهن كل الاحترام والتقدير، لإصرارهن على خوض غمار ذلك المجال الصعب، الذي يحتاج إلى السرعة والشجاعة والتصميم، والتحلي بالقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب. فلقد تشرفت حتى الآن بالعمل كطيار مساعد مع ثلاث قباطنة من النساء، واستمتعت بالعمل معهن، وأتمنى أن أصل يومًا ما إلى ما وصلن إليه.

هل ترين نفسك نموذجًا يقتدى به؟

نعم، وأنا أيضًا قدوة في المنزل؛ فأختي التي تصغرني في السن أحبّت مجال الطيران أيضًا، وانضمت لكلية قطر لعلوم الطيران، وعما قريب ستبدأ التدريب مع الخطوط الجوية القطرية.

ما أكثر شيء تحبينه في مهنتك؟

أحب كل ما يتعلق بمهنتي، فلقد تعلمتُ الكثير على يد العديد من القباطنة اللاتي سافرت معهن، وأتيحت لي فرصة زيارة العديد من الدول، والتعرف على عادات وتقاليد غير مألوفة، ومقابلة الكثير من الناس.

ما الشيء الذي لا تحبينه في مهنتك؟

ليس هناك شيء لا أحبه في مهنتي، فهي بالنسبة لي حلمي الذي أصبح حقيقة، وآمل أن أصبح عما قريب قبطان طائرة.

من أكبر داعم ومشجع لك؟

أكبر مشجعيني هي أمي، التي وقفت بجانبي وساندتني في السراء والضراء منذ أول يوم التحقت فيه بكلية قطر لعلوم الطيران. علمتني ألا أتخلى عن حلمي، وأعطتني الثقة في قدرتي على تحقيقه، وكانت تقول لي إن حلم طفولتي أن أصبح قبطان طائرة هو قرار اتخذته وعلي أن ألتزم به.

من مثلك الأعلى؟

مثلي الأعلى ومصدر إلهامي هي صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، التي قادت حملة التعليم فوق الجميع“.

ما أفضل نصيحة أسديت إليكِ؟

ألا أتوقف أبدًا عن التساؤل، وأن أواصل التعلم، مهما كانت المناصب التي ارتقيتها أو الألقاب التي تقلدتها.

صفي لنا أولى رحلاتك؟

كانت أولى رحلاتي في مايو 2016، حيث كان أول صعود وهبوط لي بطائرة تقل ركابًا من الدوحة إلى بروكسيل. حينها ملأني شعور لا يوصف بالحماسة والسعادة والإنجاز.

ما هي رحلتك التي لا تُنسى؟

هناك العديد من الرحالات التي لا تنسى، وأكثرها أهمية هي رحلتي إلى مدينة مالقة الإسبانية. كانت الرحلة هي الأولى للخطوط الجوية القطرية إلى تلك المدينة، وخضت فيها تجربة جديدة وممتعة، وأفخر أنني أول قطرية انطلقت في الرحلة الافتتاحية لوجهة جديدة من وجهات الخطوط الجوية القطرية.

ما الأسئلة التي تطرح عليك بكثرة؟

أكثر الأسئلة التي وجهت لنا كانت عن كيفية الهبوط بسلام إذا فقدنا أحد محركات الطائرة، وعن كيفية قيادة الطائرة.

ما الشيء الذي تفتقدينه عند السفر؟

أكثر ما أفتقده عند سفري هو عائلتي وأصدقائي؛ فعندما أسافر إلى أماكن جميلة، أتمنى لو كانوا معي.

إذا كان باستطاعتك الطيران إلى أي مكان اليوم، فأين ستكون وجهتك؟

أود زيارة الكثير من البلدان، بما في ذلك جزيرة زاكينثوس اليونانية وجزيرة موريشيوس.

ما النصيحة التي تقدمينها لمن تطمح بأن تصبح قبطان طائرة من النساء؟

أنصحهن بعدم التخلي عن أحلامهن في الطيران مهما بدى الأمر صعبًا؛ فهي مسؤولية كبيرة، ومهمة يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وأتمنى لهن كل النجاح وتحقيق مستقبل باهر.