تعتبر البلدان المتطورة التوجيه المهني عملية أساسية ومستمرة تساعد الشباب على الانتقال السلس نحو المزيد من التعليم واقتحام العالم المهني، ومساعدة البالغين الذين يحتاجون إلى تعزيز مهاراتهم أو تغيير مساراتهم المهنية. ويمكن اعتبار التوجيه المهني بمثابة ظاهرة القرن الحادي والعشرين التي تمكن المجتمعات من تحقيق الإمكانات الكاملة لمواطنيها، والتكيف مع عالم العمل سريع التغير.
وقد كان مركز قطر للتطوير المهني، عضو مؤسسة قطر، مساهمًا نشطًا في تحقيق أقصى تأثير للتوجيه المهني على تنمية رأس المال البشري، لارتباطه الوثيق بالاستراتيجيات الحكومية، وتطلعات مواطني دولة قطر. فعمل المركز بدأب منذ عام 2015 حين أطلق "منتدى قطر المهني" على توجيه الأنظار إلى إمكانيات التوجيه المهني المتاحة في الدولة. وفي عام 2016، أطلق المركز "لقاء شركاء التوجيه المهني"، والذي شكل منصة جمعت العديد من الجهات المعنية بالتوجيه المهني في الدولة. وتمثل الهدف العام لهذا اللقاء في تشجيع مشاركة جميع الجهات المعنية بالتوجيه والإرشاد المهني في الدولة، ضمن أنشطة وفعاليات تعكس روح التعاون والابتكار، وتبادل المعارف والاطلاع على نتائج البحوث ذات الصلة. وذلك للتوصل إلى أفضل الممارسات، ودعم التوجيه المهني كوسيلة قوية قادرة على تحقيق النجاح الشخصي والاجتماعي والتعليمي والاقتصادي للشباب القطري بشكل خاص، والمجتمع القطري بشكل عام.
وفي عام 2018، نظم مركز قطر للتطوير المهني "لقاء شركاء التوجيه المهني 2018"، تحت رعاية صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وبالشراكة مع اليونسكو ووزارة التعليم والتعليم العالي. ونجح لقاء 2018 في توضيح الأهمية الاستراتيجية للتوجيه المهني في إطار الوزارات، وتبيان الإمكانات الكامنة في عقد الشراكات ما بين الوزارات وبعضها وقطاعات الأعمال المختلفة، مع تصميم إطار وطني مستقبلي للتوجيه المهني، والإقرار بالحاجة إلى التوجيه المهني في قطر كإجراء رئيسي لتحقيق أولويات رؤية قطر الوطنية 2030. وقد أثمر ذلك عن تقدير أهمية التوجيه المهني، وإعادة التفكير في توفيره، وزيادة الاستثمار المستهدف في هذا المجال.
ألقت نتائج لقاء شركاء التوجيه المهني 2018 الضوء على أهمية ما يلي:
إشراك الجهات المعنية الرئيسية في جميع أنحاء الدولة، مثل الوزارات وأصحاب العمل والعاملين في قطاع التعليم وغيرهم من الجهات والأشخاص المؤثرين، لدعم تحقيق تطلعات الشباب المستقبلية.
تقديم سياسات واستراتيجيات وأطر ومعايير التطوير المهني، التي تعمل كوسيلة قوية لتحقيق إمكانات وقدرات رأس المال البشري القطري وتطوير سوق العمل في المستقبل.
تمكين المواطنين القطريين من الاستفادة من الفرص القائمة واستثمارها لتحقيق المزيد من النمو والازدهار، من خلال زيادة الاستعداد المهني لمسارات متنوعة، بما في ذلك المهن المتصلة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات.
إتاحة فرص التعليم وتعزيز المهارات والتوظيف لجميع فئات المجتمع، وخصوصًا الأشخاص ذوي الإعاقة.
الكشف عن أية قيود تتصل بتوظيف المرأة وتقدمها المهني.
دعم أولياء الأمور وأفراد الأسرة في تشجيع أبنائهم على الانخراط في التعليم والاستعداد للحياة العملية في المستقبل.
ولمواجهة التحديات التي تم رصدها، جرى وضع مجموعة من التوصيات المستمدة من لقاء عام 2018 والتي أرست الأسس لبلورة مخطط عمل واضح، مع مقاييس ومعايير قابلة للقياس الكمي، وتحديد مسؤوليات الجهات الأساسية المعنية، بما في ذلك الوزارات، والمؤسسات الأكاديمية الرئيسية، والمنظمات غير الحكومية الرائدة، والشركاء المجتمعيين ورواد الأعمال، ولجان تنمية القوى العاملة الوطنية في القطاعات الإنتاجية المختلفة، وغيرهم.